«معتقل الخيام».. اسم يكفى أن تذكره أمام أى أسير محرّر فى لبنان لتعرف ما معنى الاعتقال والتعذيب المنهجى الذى وصل إلى الموت فى الكثير من الحالات داخل هذا المعتقل الموحش، الذى تم تدميره أثناء حرب تموز الأخيرة، ليتحول كومة من الركام التى ما زالت تحمل تحت كل حجر فيها قصة أسير قضى جزءا من حياته فيه، إلى أن هربت القوة المسيطرة عليه فى عام 2000 عقب الانسحاب الإسرائيلى المفاجئ من الجنوب، فاقتحم الأهالى المعتقل ليطلقوا سراح 142 أسيرا منه.
أحمد نصر الله الذى قضى أربع سنوات داخل طرقات هذا المعتقل أكد أنه «معلم من معالم صمود هذا الوطن فى وجه العدوّ» موضحا أن المعتقل يعود تاريخ بنائه إلى القوات الفرنسية أيام الانتداب الفرنسى على لبنان عام 1933 ليكون ثكنة عسكرية ومقراً لها فى الجنوب اللبنانى، وبعد أن نال لبنان استقلاله تسلم الجيش اللبنانى الثكنة وبقى يستعمل كمعسكر إلى أن قامت إسرائيل باجتياح الجنوب اللبنانى عام 1982 فاستعملته كمركز تحقيق واستجواب.
وتابع نصر الله أنه فى عام 1985 انسحبت إسرائيل جزئياً من جنوب لبنان ومع انسحابها سقط معتقل أنصار الشهير، وبقيت بلدة الخيام تحت سيطرتها، فتم استعمال الثكنة كمعتقل بديلا عن معتقل أنصار، وعرف بعدها باسم معتقل الخيام.
رجائى أبو همين يقف على باب واحدة من الزنازين القليلة التى نجت من التدمير فهى زنزانة صغيرة، ولكن يوجد فيها ما هو أصغر منها كما يقول «هذا هو القن» و يشير إلى صندوق حديدى وُضع فى الزاوية «كانوا يسجنون فيه الرجال شهوراً طويلة فيه».
فوق «القن» لوحة تمثل معتقلاً راكعاً وضع كيس أسود فى رأسه، يتلقى السياط على ظهره.
لقد تغيّر المعتقل الذى قضت فيه فريدة ست سنوات من عمرها مرتين، مرة بعدما خرجت منه ودخل إليه الصليب الأحمر الدولى فارضاً إجراء تحسينات عليه والمرّة الثانية عندما دمّرته إسرائيل، "كلّ ما كنت أحلم به فى المعتقل أن يسمحوا لنا بإدخال الكتب، لكن هذا ما سمحوا به بعد الإفراج عنى».
فرق كبير بين زيارات فريدة إلى المعتقل بعد تحريره، وبعد تدميره. فى المرات السابقة كانت تدخل إلى الزنازين التى تنقلت بينها قائلة "أتذكر فى كلّ منها ما مرّ بى من أحداث. كنت أفتش على عبارات كتبتها على الجدران ووجدت بعضها».
للمعتقل تواريخه الخاصة بالنسبة إلى المعتقلين عملية الهروب مقياس زمنى مهم، وكذلك الانتفاضة الشهيرة التى سقط فيها شهيدان بلال السلمان وإبراهيم أبو عزة. يقف رجائى أمام صور شهداء المعتقل يتذكرهم واحداً واحداً. منهم من عرفه ومنهم من سمع عنه.
فقد بلغ عدد من تم احتجازهم فى المعتقل ثلاثة آلاف شخص، منهم أربعمائة امرأة، وأطفال بأعمار أقل من الثانية عشرة، وكهول تعدوا العقد السابع قتل منهم 22 شخصا تحت التعذيب.
فسجن الخيام هو معتقل يقع على تلة مرتفعة فى بلدة الخيام فى موقع حصين يطل على شمال فلسطين من جهة وعلى مرتفعات الجولان السورية من جهة ثانية، يتكون من خمسة مبان، وكل مبنى يتألف من عشرين غرفة، مساحة الغرفة الجماعية لا تتعدى المترين طولا والمتر ونصف عرضا، كان يحشر فيها من خمسة إلى ستة أفراد والغرفة الفردية لا تتعدى التسعين سنتيمتر طولا وعرضا.
فى حرب لبنان الثانية، تم تدمير المعتقل على يد القوات الجوية الإسرائيلية، لإخفاء أحد أهم المعتقلات سيئة السمعة التى كانت تقوم فيها إسرائيل بزج المواطنين العرب الذين يعارضونها، وقتل فى المعتقل العديد من الأسرى تحت التعذيب دون أن يسجل ضد إسرائيل أى انتهاك لحقوق الإنسان.
بالصور.. اليوم السابع فى معتقل "الخيام" بلبنان
الثلاثاء، 06 أكتوبر 2009 03:50 م
أنقاض المعتقل بعد تدميره
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة