هل بإمكاننا أن نتخذ أى قرار مصيرى فى ظل حالة التبلد الفكرى الذى نعيشه؟
أريد أن أعقد مقارنة بين حالة الثبوت الفكرى الذى نعيشه ومدى التواكل الفكرى الذى أصبحنا نمارسه فى حياتنا كل يوم وكل لحظه إذًا ما هو التواكل الفكرى؟
هو أن يلجأ الفرد دائما إلى الاعتماد على شخص أو مجموعة أو منظمة من أجل أن يفكروا وينظموا وقته بالنيابة عنه وفى النهاية يصبح هذا الشخص غير قادر على اتخاذ أى قرار فى حياته وأيضا لا يستطيع أن يفكر بما يتناسب مع شخصيته وظروفه.
إن الشخص الذى يأخذ قرارا مصيريا فى حياته هو الشخص الذى يملك قرار النجاح بيديه لا بيد غيره.. دعنى أفكر معك قليلا هل تلاحظ أن القرارات المصيرية "شبه انعدمت" فى حياتنا كأفراد وأصبحت كل قراراتنا وحياتنا قائمة على ما يفعله الآخرون أو بالأصح (ما فعله) الآخرون.
أشعر أحيانا بأننا مثل الموتور الذى يدور دائما فى نفس المكان وبنفس السرعة ومثله مثل باقى الأجهزة التى تعمل بطريقه متكررة وثابتة لا تتغير؛ أصبحت كل تصرفاتنا مبنية على مبدأ رد الفعل وليس الفعل إذا حدثت كارثة نبدأ فى التحرك ولكن لا نتحرك أبدا قبل أن تحدث الكارثة وهذا ينطبق فى حياتنا كأفراد من كل الطبقات والشرائح الاجتماعية.
سأضرب مثالا للانتشار الرهيب لظاهرة الدروس الخصوصية والمسابقات التليفزيونية وغيرها الكثير.
هذه الظواهر تستفيد من التواكل الفكرى الذى نعيشه؛ فالطالب لا يستطيع أن يتعلم إلا بوجود المدرس الذى يلقنه التعليم وأيضا ينظم له وقته وأن يقف دائما بجانبه.
فى النهاية يخرج هذا الطالب من التعليم وهو لا يستطيع أن يفعل أى شىء إيجابى فى حياته لأنه لم يتعلم أن أهم شىء فى المرحلة التعليمية هو أن يستطيع أن يملك هو زمام نفسه لا أن يعتمد على شخص يمتلك هو زمامه.
ويستمر الشخص على هذا المنوال فى حياته و يصبح مسئولا لا يستطيع أن يأخذ أى قرار لأنه لم يتعلم أن يأخذ قراره بنفسه فكيف له أن يصبح هو صاحب القرار الذى سوف يسرى وينفذ على غيره وهذا من الممكن أن يفسر لنا سبب التخبط الإدارى الفظيع الذى نعيشه الآن .
أما حلم الثراء السريع فإنه يتناسب أيضا مع حالة التواكل الفكرى الذى نعيشه فنحن لم نتعلم أن نثابر ونجتهد ونحاول ونخطئ ونتعلم ولكننا تعودنا على مبدأ (لماذا تجتهد فى التعلم ........ بل (اتصل واكسب) طبعا هذا أسهل بكثير.....
أريد أن أوضح شيئا.. معظم العلماء يتبعون مبدأ ((التجربة والخطأ)) من أجل أن يصلوا إلى اكتشافات جديدة
ولكنى أظن أن هذا المبدأ ليس له وجود عندنا، هذه الأمثلة توضح مدى حالة التبلد التى نعيش فيها.
التواكل يجعلنا كأفراد أشبه بالمسخ ليس له شكل أو رؤية محددة إنما هو تابع والتابع لا يستطيع أن يأخذ قرارا مصيريا فى حياته وبالتالى هو لا يملك إرادته.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة