د. السباعى عبد الرءوف السباعى يكتب:"يوم تولى الرئيس"

الإثنين، 05 أكتوبر 2009 01:17 م
د. السباعى عبد الرءوف السباعى يكتب:"يوم تولى الرئيس"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعور غامض شعرت به فى تلك السن الصغيرة، القرآن ينبعث من التليفزيونات القليلة فى قريتنا، نوع من الحزن أحاط بكل أنحاء القرية، وصورة الرئيس السادات ببدلته العسكرية يتم رفعها، ويضعوا بدلا منها صورة أخرى لرجل تبدو على ملامحه الصرامة والقوة، سألت مدرس اللغة العربية من هذا الرجل؟ قال هذا رئيسنا الجديد محمد حسنى مبارك، أخذت أستعيد الاسم مرارا وتكرارا حتى حفظته وأعجبنى رنينه فى أذنى.. محمد حسنى مبارك.


لا أدرى بالتحديد متى قرأت هذه القصة ولكنى أتذكر أنى قرأتها فى المرحلة الابتدائية على الأرجح، صحفى أجنبى يسأل الرئيس حسنى مبارك: هل ستسير على خطى السادات أم عبد الناصر؟ أجاب إجابة تنم عن قوة الشخصية والاعتداد بالذات حيث قال بحزم: اسمى حسنى مبارك، أعجبنى هذا الرد وتقمصته كثيرا، وحينما كان يسألنى أحد: هل ستفعل مثل فلان أو فلان؟ كنت أتذكر قول الرئيس وأؤمن بأننى يجب أن تكون لى شخصيتى المستقلة.

كنت من أشد المعجبين بخطب الرئيس مبارك، وذلك ليس بسبب العبارات المكتوبة التى يذكرها فى خطابه، ولكن بسبب العبارات المرتجلة التى يقولها هو، ولا أنسى أبدا حينما عبر عن حال الكثير من الأسر المصرية التى تشترى من عند البقال آجلا، أو على النوتة كما قال، أحسست وقتها أن المسافات بيننا كشعب وبينه كرئيس تلاشت وشعرت كأنه شخص قريب جدا يمكننى أن أتصل به تليفونيا لأهنئه بالعيد أو أن أذهب لزيارته فى قصر العروبة وأشرب معه كوبا من الشاى.

خبر غامض سمعته فى أحد أيام شهر يونيو 1996، الرئيس يتعرض لمحاولة اغتيال فى إثيوبيا، شىء يشبه الفزع ملأ قلبى، وإحساس بعدم الأمان أصابنى، وشعور بالافتقاد ولوم الذات، يا ليتنى كنت زرته قبل أن أسمع هذا الخبر، وبعد قليل رأيناه عائدا متماسكا، ورغم ما قيل عن أنه لم تحدث معركة بين حرس الرئيس وبين من حاولوا اغتياله، إلا أننى رسخ فى ذهنى أن الرئيس وقف بثبات ورسم خطة التراجع إلى المطار وكانت كلماته هى مفتاح النجاة الذى نجا به من محاولة اغتيال محقق، ولا أدرى هل وصلته رسائلى التى أرسلتها مهنئا له بالنجاة، ولكن ما أتيقن منه أننى عزمت على زيارته هذه المرة، لولا أن هناك ما شغلنى عن القيام بهذا الفعل.


كنت هذه المرة فى السعودية، وسمعت الخبر الحزين، الرئيس يسقط إعياءً أثناء إلقاء خطابه، وتوالت بعدها الأنباء عن صحة الرئيس التى تتدهور، وكنت أطلع على الأخبار عن طريق الإنترنت، وقرأت الكثير من التكهنات عن تدهور مفزع فى صحة الرئيس خاصة على صفحات جريدتى العربى والشعب، كلما قرأت تلك التكهنات، كلما شعرت بالقلق على صحة الرئيس التى قالوا وقتها إنها متدهورة للغاية، كنت أتابع التطورات وأسراب الحزن تحلق على رأسى، وبعد قليل عرفت أن الأخبار كاذبة، وأن الرئيس يمر بأزمة صحية ولكنها ليست قاتلة، قررت ثانية أن ألتقى بالرئيس مبارك، ولكن كانت هناك 3 أشهر متبقية فى عقدى، انتظرت حتى انتهت وعدت، ولكننى انشغلت مرة أخرى فى مشاكل حياتى التى لا تنتهى.


سنوات مرت.. شعرت بالطمأنينة على صحة الرئيس، فأنا أراه على شاشات التليفزيون، وأتابع ما يقوم به من مهام، ولكن فجأة انتشرت إشاعة عن وفاة الرئيس، لا أدرى مصدر تلك الإشاعة كل ما عرفت به أن الرئيس ربما يكون قد مات، أتابع التلميحات هنا وهناك، تظهر على الإنترنت، وتظهر على صفحات الصحف، أيام عصيبة قضيتها قلقا على الرئيس، حتى بدأ الرئيس فى الظهور مرة أخرى، شعرت بعدها بالأمن والطمأنينة.


على عكس المتوقع فوجئت بصديقى أحمد بدراوى على الياهو ماسنجر، وبعد أن حدثنى عن مجلة جديدة اسمها ميكانو تمنح الفرصة للشباب ليكتبوا فيها أخبرنى بأن هناك إشاعة عن وفاة محمد علاء حفيد الرئيس مبارك، أدركت وقتها مشاعر الجد المكلوم، تمنيت أن أذهب إليه لأواسيه فى تلك اللحظات العصيبة ولكنى علمت أنه لن يحضر العزاء، دعوت له الله أن يثبته وأن يلهمه الصبر، وتمنيت أن يكون قد استجاب الله لدعائى.


أعلم أننى مقصر جدا فى حق الرئيس مبارك، فلم أحاول على مدى هذه السنوات الطويلة أن أزوره أو أطمئن عليه، خاصة حينما كان يواجه ظروفا عصيبة، ولكن عذرى أننى كنت دائما مشغولا فى تلك الفترات وأعلم أنه أيضا لديه الكثير من المسئوليات التى قد لا تتيح لنا فرصة اللقاء، ولكن رغم عدم لقائنا طوال كل تلك السنوات، أعترف أن الرئيس حسنى مبارك كان حاضرا بقوة فى حياتى، ورغم إيمانى بالديمقراطية وتداول السلطة إلا أننى أتمنى أن يظل محمد حسنى مبارك هو رئيسنا للأبد.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة