قد يضع الرد الذى تقدمت به إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس 29 أكتوبر، فرنسا فى مواجهة خيار حساس: إلى أى مدى يمكنها دفع موقفها المتشدد تجاه إيران؟ ومتى قد يشكل هذا الموقف خطرا حين يتعلق بتقويض وحدة جبهة الدول المتفاوضة مع إيران، تلك الوحدة التى تجلت يوم 21 أكتوبر فى فيينا، حين فُرضت على إيران شروطا صارمة لكى تتخلى عن معظم ما تملكه من اليورانيوم المخصب.
تقول صحيفة "لوموند" إن هذه الوحدة باتت الآن الشغل الشاغل للدبلوماسيين، الذين يدركون أن أى تقصير على هذا المستوى سيكون نصرا لإيران، التى تعرف بمهارة كيف تتقدم أو متى تتراجع فى أى مفاوضات، لذلك عندما تحدث هاتفيا كل من الرئيس الأمريكى باراك أوباما والفرنسى نيكولا ساركوزى فى 24 أكتوبر، بعد يوم من المهلة الممنوحة لإيران لتقديم ردها، أكد بيان صادر عن قصر الإليزية على "التقارب المثالى فى وجهات النظر حول الملف النووى الإيرانى".
وتذكر الصحيفة أن الجانب الفرنسى فى واقع الأمر لم يكن مقتنعا على الإطلاق بأن المشروع الأمريكى المقترح بإخلاء إيران من اليورانيوم المخصب فكرة سديدة، وذلك لأن جعل هذه المسألة هى النقطة المركزية فى المباحثات من شأنه طرح العناصر الأساسية فى الملف الإيرانى جانبا، تلك العناصر هى وقف التخصيب، وقيام وكالة الطاقة الذرية بالتحقيق فى أنشطة إيران الخاصة بالتسلح، التى لم تتوقف يوما بحسب ما يذكر مسئولون فرنسيون وبريطانيون وإسرائيليون، على عكس ما أكدته وكالة الاستخبارات الأمريكية فى 2007.
وتضيف الصحيفة أن موقف فرنسا حيال البرنامج النووى الإيرانى لم يتغير، فمنذ 2007، تسعى باريس إلى وقف ما اعتبره الرئيس الفرنسى "مسيرة إيران نحو القنبلة النووية". ومنذ تطرق نيكولا ساركوزى فى أغسطس 2007 للحديث عن ضرورة القيام بأى شىء- من خلال زيادة العقوبات الدولية- لمنع اللجوء إلى "البديل الكارثى: إما حصول إيران على قنبلة نووية وإما قصف إيران"، فقد شكل ذلك بداية مرحلة جيدة مع إسرائيل، فى الوقت الذى نشأت فيه فجوة بين باريس وواشنطن، منذ أن حدد باراك أوباما الأولويات الاستراتيجية للسياسة الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط والتى أصبحت تتفق بصعوبة مع أولويات إسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أن فرنسا قد نصبت نفسها فى الآونة الأخيرة محاميا لمخاوف إسرائيل داخل مجموعة الدول الست التى تتعامل مع الملف الإيرانى، فقد صرح مؤخرا مسئول إسرائيلى رفيع المستوى للصحيفة قائلا: "إننا لا نستطيع أن نطلب من الفرنسيين أن يفعلوا أكثر مما يقومون به بالفعل".
وقد عملت فرنسا والمملكة المتحدة على الحفاظ على إطار المفاوضات على النحو الذى اقترحته الدول الست على إيران منذ عامين على الأقل، والذى يقوم على فكرة "التجميد المزدوج"، كما وضعت باريس أيضا مجموعة من الخطوط الحمراء الخاصة بالاقتراح الذى عرض فى فيينا فى 21 أكتوبر، بالإضافة إلى أن الفرنسيين يشعرون بالرضا لأن لهم حق استخدام الفيتو فى المباحثات مع إيران، لاسيما وأن إمدادات الوقود للمفاعل النووى فى طهران من المستحيل أن تتم دون فرنسا؛ لأن الأرجنتين قد رفضت المساهمة فى هذه المسألة بسبب اتهام وزير الدفاع الإيرانى بالتورط فى هجمات معادية للسامية على أراضيها.
وتذهب الصحيفة إلى أن العلاقات الثنائية بين فرنسا وأمريكا شهدت لحظات من الخلاف، لاسيما وأن فرنسا قد اعتبرت أن سعى أمريكا لتحقيق نجاحات دبلوماسية قد وضع إدراة أوباما فى موقف ضعيف أمام طهران، وكان هذا هو الحال فى 23 و24 سبتمبر فى الأمم المتحدة عندما أبدى ساركوزى ضيقه من رفض نظيره الأمريكى الإشارة إلى الموقع السرى فى قم خلال اجتماع مجلس الأمن الخاص بنزع السلاح النووى.
فعلى الرغم من أن باريس ظلت تقوم على مدى عدة أشهر بالضغط على واشنطن للإفصاح عن وجود هذا الموقع السرى، إلا أن الإدارة الأمريكية لم توافق على ذلك إلا فقط عندما اعترف الإيرانيون بالفعل بوجوده.
وقد جاء تأكيد وزير الخارجية الفرنسية، برنار كوشنير، مؤخرا على احتمال قيام إسرائيل بعمل عسكرى، كوسيلة لخلق إحساس بجدية الموقف، وذلك فى الوقت الذى تتزايد فيه محاور المناقشات مع إيران، وفى الوقت الذى قد يظن فيه البعض أن كل شىء بات على مقربة من أن يحل.
لوموند: فرنسا تتبنى موقف إسرائيل المتشدد تجاه إيران
السبت، 31 أكتوبر 2009 04:35 م
فرنسا تتبنى موقف إسرائيل تجاه إيران
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة