خالد العسقلانى عبد القادر يكتب:عندنا وعندهم

السبت، 31 أكتوبر 2009 11:39 ص
 خالد العسقلانى عبد القادر يكتب:عندنا وعندهم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أدلف فى طريقى عندما صادفنى صوت صريخٍ وعويلٍ وصياح.. كان مصدر تلك الجلبة واضحا وضوح الشمس.

خناقة كبيرة أبطالها: سيارتان وسائقان واثنان من ولاد الحلال اللى بيحجزوا (والذين لا يكسبون بطبيعة الحال سوى تمزيق الملابس).

لا أحب أن أقف وأشاهد كما لو كنت أشاهد مسرحية على موجة كوميدى.. ولا أحب حتى أن أكون أحد هؤلاء الذين لا يكسبون سوى تمزيق الملابس.. لأن غالبا ما تكون ملابسى أغلى من السبب الذى يتشاجرون من أجله.

المهم : مضيتُ فى طريقى وكأننى لم أر شيئا.. ولكننى سمعت.. سمعت كلمة دخلت من أذنى الخارجية إلى الوسطى إلى الداخلية.. ومن الأخيرة إلى خيالى.

سمعتهم قد اتفقوا (أعنى هؤلاء المتشاجرين على أن يلجأوا لقسم الشرطة.. كانت كلمة جميلة وحكيمة ورزينة.. ولكنها دخلت لخيالى.. وكم أحب الخيال!
عندما يذهبون جميعا إلى القسم.. ماذا سيحدث؟
ماذا سيحدث هناك فى ذلك الجزء الذى لن يمكننى رؤيته ؟؟
تخيل معى.. قف وتخيل أنت قبل أن تتابع القراءة.. ماذا سوف يحدث فى القسم؟؟
ما أتخيله أنا.. أنهم سيذهبون جميعا.. بجلبهم وصياحهم وزعيقهم لقسم الشرطة ... فيستنكر ذلك أمين الشرطة الحاصل على بكالوريوس خامسة ابتدائى.. ويسبهم بالأب والأم والأخت والابن والعم والخال والخالة وكل الأقارب.. ويطلب منهم الانتظار.. ثم يدخلهم على ذلك الشخص صاحب الشنب العريض والوجه العبوس فيطلب منهم أول كلمة تعلمها فى الشرطة "البطايق".

فيخرجونها له ويبدأون جميعا بالكلام فى نفس اللحظة.. فيسبهم بنفس ما سبهم به أمين الشرطة (وكأن تلك الشتائم قد درسها الجميع وحفظها عن ظهر قلب). ويطلب منهم أن يتحدثوا كل على حدة.. لأننا مش فى سوق.. ومن بعدها.. يدافع كل شخص عن نفسه مرتجفا.

ويُحرر المحضر بتاريخ اليوم.. ومنه إلى النيابة على ما أعتقد.. ثم على المحكمة.. والمحكمة تؤجل الحكم فى القضية إلى 6 أو 7 سنوات .. ثم يحكم فيها بعد ما ينسون جميعا ما قد كان ... وبعد ما ينسون أكان الخناقُ على 5 جنيهات أو عشرة ؟! أو على أنه كسر عليه بالعربية أو ماذا!!

هذا ما قد يحدث داخل شرطتنا العريقة .. الجميلة ..
(الشرطة فى خدمة الشعب) .. لكنهم صراحةً لم يحددوا أى شعب ..

عندهم .. هناك .. فى تلك الدول (ما بعد الفجوة) .. ربما يكون الوضع مختلفا قليلا ..
أولا : لن يكون هناك أى شجار أو خناق على مبلغ بخمس دولارات مثلا .. أو عشرة يورو .. ولن يكون الخناق مصاحبا بالضرب ولا تمزيق الملابس..
وهناك أيضا : لن تكون ملابسى أغلى من سبب خناقهم بأى حال ..
ولكن إذا حدث أى نوعٍ من الخناق ولجأوا إلى قسم الشرطة .. فأظن أن الوضع سيختلف أيضا.

سيتم استجواب كل طرف على حدة... وأثناء الاستجواب فلا مانع من عصير الليمون.. أو المداعبة والملاطفة.. والزوق والاتيكيت .. والورد فى كل مكان ..
سيتم تهدئة جميع الأطراف.. وسيتدخل بالطبع الأطباء النفسيون و وحدات التنمية البشرية ليتأملوا لماذا حدث مثل هذه المصيبة..
وسينتهى الوضع بمصالحة بين الطرفين سريعا .. وتتحمل الدولة وشركات التأمين غالبا أى خسائر.

ويذهب كل الأشخاص لعملهم ويبدأون رحلة الإنتاج.
ها هنا فقط تذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
و"تبسمك فى وجه أخيك صدقة".
ومال رأسى ناحية الأرض فى خجل.. وأفقت من خيالى وسمعتهم يكررون قرارهم بالذهاب إلى القسم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة