سعيد شعيب

ثقافة الاعتذار

الجمعة، 30 أكتوبر 2009 11:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انزعجت عندما اعترض البعض على أن يقدم أوركسترا مدينة دريسدن حفلات تعبيرا عن أسفهم للحادث الإرهابى الذى تعرضت له الشهيدة مروة الشربينى، وأزعجنى أن أسرة الشهيدة تقدمت ببلاغات ضد وزارتى الخارجية والثقافة لوقف هذه العروض، ناهيك عن عدم الاستماع بانتباه للاعتذارات، والأسف الذى أبدته الحكومة الألمانية وسفيرها بالقاهرة وغيرهم من المسئولين الكبار.

صحيح أننى أقدر تماما مشاعر أسرة الراحلة، ولكن الصحيح أيضا أنه لا يجب أن نرفض كل هذه الاعتذارات، وخاصة أن الذين قدموها غير مسئولين عما فعله إرهابى متعصب، ولم يعطلوا محاكمته بأية طريقة، أى أن الاعتذار لم يكن مقابل دم الشهيدة، لكنه تعبير عن تضامن إنسانى رفيع لا يليق بنا أن نرفضه.

ولعل التقارير المتعددة التى أذاعها برنامج العاشرة مساء يؤكد ذات المعنى، فليس كل الألمان متطرفين ويكرهون الإسلام والمسلمين، فهذه أحكام إجمالية، وبالبديهة غير حقيقية، إنها أكاذيب كبرى يروجها عندنا من له مصلحة سياسية فى جرنا إلى معارك وهمية لن نستفيد منها شيئا. ثم إننا لو طبقنا ذات المعايير الإجمالية على أنفسنا فلابد أن نقول إن المصريين متطرفون وإرهابيون ويعادون الغرب، فقد قتل المتطرفون على أرضنا عشرات الأجانب، رغم أن البديهى والعادل أننا لسنا مسئولين عما فعله ويفعله الإرهابيون.

أعرف طبعا، وأنت تعرف، أن هناك من يعادون العرب والمسلمين هناك وفى كل مكان، ففى كل الأديان وفى كل العقائد وفى كل البلاد يوجد متطرفون، ولكن هذا لا يجعلنا أبدا نستسهل الأحكام الإجمالية.. ولكنه يدفعنا الى مقاومة مثل هذه السلوكيات الشاذة بأن نكون أنفسنا، بمعنى أن نطرح على غيرنا الجانب المتحضر فينا، فليست هناك أية بطولة فى أن نشبه خصومنا وأعداءنا.. وهكذا فعل علوى عكاز زوج مروة، فلم يلجأ إلى هذه التعميمات، ولكنه على سبيل المثال فى المحكمة كان يتعامل مع جريمة محددة قام بها شخص عنصرى.

الحقيقة أن رفض الاعتذار بقايا ثقافة قبلية حان الوقت لأن تختفى من حياتنا، ليست فى مواجهة الغرب فقط، ولكن هنا أيضا فى مصر، فخطأ الفرد لا يجب أن تتحمله القبيلة، ونخوض ضدها حربا ضروسا لإذلالها وإبادتها، وأخذ نسائها سبايا ورجالها وأطفالها عبيدا، وممتلكاتها غنيمة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة