خلال العشر سنوات الأخيرة زادت اعتراضات الإنسان المصرى، وهو ما شكل ما يشبه ثقافة الاعتراض، سواء كانت ظاهرة كالاعتصام والاحتجاجات والمظاهرات أو باطنة بطريق غير مباشر مثل الكتابة على الجدران وأبواب دورات المياه والمواصلات العامة، وغيرها من طرق تعبير عن الاعتراض والرفض لواقع الحياة اليومية التى يعيشها المصريون، فما هى أسباب هذه الطرق فى الاعتراض؟ وهل هى جديدة على الشارع المصرى؟
بداية يقول الدكتور عماد أبو غازى أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة إن أشكال اعتراض المصرى موجودة على مر التاريخ وليست وليدة العشر السنوات الماضية فحسب، فهذه الأشكال قد مرت بموجات صعود وهبوط، مثل الفترة من النكسة إلى حرب 73 التى شهدت صعودا للاعتراض سواء كان ظاهرا أو باطنا، والاعتراض بعدها على عصر الانفتاح الاقتصادى، ثم فترة هبوط إلى أوائل التسعينات، فصعود منذ عشر سنوات حتى الآن خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، ومع حل الأزمات تقل أشكال الاعتراض والاحتجاج.
ويضيف: أن أشكال الاعتراض مشتركة بين كل شعوب العالم وتتفاوت أيضا بين النكتة والتعليق الساخر والتظاهر والإضراب والكتابة على الجدران، وجدير بالذكر أن جميع الشعوب تتطلع للأفضل فى حياتها، وأنه ليس من فضائل الأمور أن تبقى الشعوب راضية بواقعها ولا تسعى للاعتراض عليه لتغييره للأفضل.
و يرجع الدكتور عصام عبد الجواد أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة؛ اعتراض المصرى إلى تأثره بالضغوط النفسية الناتجة عن الحياة اليومية، التى كلما ازدادت ينهار الإنسان ويزداد اكتئابه وقلقه، و يحتاج إلى التنفيس عن كبته بطرق مثل الاعتداء أو الاعتراض السلمى أو الغيرالسلمى، مثلا نتيجة عدم قدرة المواطن على الاعتراض على الحكومة يقوم بالاعتداء على المواصلات العامة وتخريبها والكتابة عليها، وكذلك الكتابة على أبواب الحمامات، وكذلك الحال بالنسبة للأسرة، الزوج مثلا لا يقدر على الاعتراض على رئيسه بالعمل فيقوم بالاعتداء على زوجته، ونتيجة عدم قدرة الزوجة على الاعتراض على زوجها فتعتدى على أبنائها، وذلك بسبب غياب الحوار على مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع الذى تحول إلى الاستهلاك الذى حول الرضا النفسى لدى الأفراد إلى شعور شديد بالنقص.
و ترجع الدكتورة نجية إسحاق أستاذ علم النفس الجنائى الاعتراض إلى أسباب واضحة، فهو يحدث نتيجة أشياء لا يرضى عنها الإنسان، و قد يكون اعتراضه خاطئا أو مصيبا وفى محله، ففى جميع أحوال وأنواع الاعتراض يحاول الإنسان أن يجد وسيلة للتعبير عما يريد أيا كانت، وتضيف: الاعتراض ينتقل من شخص لآخر مثله مثل أى عمل جماعى لأن شعور الفرد بالضغوط الاقتصادية مثلا لا يقف عنده فقط، بل يمتد للجميع لذلك تخرج المظاهرات والاعتصام والإضرابات جماعية بالطبع وليست بشكل فردى إلا فيما ندر، و تؤكد أيضا: أن صحف المعارضة تغذى شعور الاعتراض لدى المواطن وتنميه بشكل كبير.