محمد جابر يكتب.. الخروج الآمن

الخميس، 29 أكتوبر 2009 07:20 م
محمد جابر يكتب.. الخروج الآمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يظل الرؤساء والزعماء فى الدول الاستبدادية دون محاكمة أو حتى شكوى..
ويستمد الرئيس حصانته من كرسى الحكم وأتباع كرسى الحكم وطائفة من ذوى النفوذ والمصالح..
وحتى لا يفاجىء أبناء الرئيس بعد وفاته بالملاحقات جاءت فكرة توريث الحكم ، لتتحول الجمهوريااااات إلى ممالك يحكمها عائلاااااااااات
ولكن:
هذه الشعوب المغلوب على أمرها هل تقبل حلاً وسطاً بين ملاحقة الزعيم والصفح عن الزعيم رغم جرائمه.
هذه الفكرة طرحها عدد من السياسيين من بينهم هيكل وفهمى هويدى، وهى:
فكرة الخروج الآمن للرؤساء كى لا يتعرضوا للمحاكمة بعد مغادرتهم، تمثل حلاً عملياً للاحتقان الذى تعانى منه بعض البلدان، التى أصبح الناس فيها لا يطيقون استمرار النظام السياسى، فى حين أن حكامها يخشون من غضب الناس ونقمتهم، وتوفير الخروج الآمن فى هذه الحالة يمثل خياراً عقلانياً يحل مشكلة كل طرف بأقل قدر من الخسائر.

الفكرة طرحت حين افتتحت صحيفة «الشروق» ملف المستقبل السياسى لمصر بالحوار الذى نشرته فى 20/10 مع السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، وقال فيه إن من حق أى مواطن أن يتطلع لشغل منصب رئيس الجمهورية.

وقد التقط الخيط عمرو أديب مقدم برنامج «القاهرة اليوم» على قناة «أوربت»، وحوله إلى موضوع للمناقشة، علق عليه أكثر من شخص، إلى أن تدخل الإعلامى عماد أديب داعياً إلى فكرة «الخروج الآمن» التى اعتبرها عنصراً مشجعاً على تحقيق التغيير المطلوب فى هدوء وسلام.

ويبدو أن من بين العوامل التى دفعته إلى ذلك أن حركة «كفاية» كانت قد دعت قبيل انتخابات عام 2005 إلى ملاحقة الرئيس مبارك قضائياً إذا لم يستمر فى موقع الرئاسة، وعلق أديب على ذلك قائلاً إنه يجب ألا يكون الاستمرار فى الحكم هو الضمانة لسلامة الرئيس وأسرته.

عندى أربع ملاحظات على الفكرة:
- أنها طبقت فى بلدان أخرى، كانت روسيا فى مقدمتها، ذلك أن الرئيس الروسى بوريس يلتسين حين ترك السلطة فى عام 1999، كان ذلك ثمرة صفقة بينه وبين فلاديمير بوتين رئيس حكومة روسيا الاتحادية، الذى كان قد جاء من المخابرات الروسية وخلفه بعد ذلك.
والذين عايشوا تلك المرحلة يذكرون أن لغطاً كبيراً ومشكلات كثيرة سياسية ومالية برزت أثناء حكم يلتسين، وصلت إلى حد إصدار الأوامر إلى الجيش بقصف مبنى البرلمان الذى تحصن به بعض معارضيه، وحينذاك جرت اتصالات سرية أسفرت عن توفير «الخروج الآمن» للرئيس الروسى، بحيث يترك منصبه دون أن يتعرض لأى ملاحقة مستقبلية، وهو ما قبل به فى نهاية المطاف، فغادر ولم يحاسب.
وهذا الذى حدث فى روسيا تكرر فى عدة دول بأمريكا اللاتينية، بحيث طويت بناء على اتفاقات خاصة صفحات بعض الرؤساء الذين نسبت إليهم ممارسات أثناء حكمهم يعاقب عليها القانون.

- إن الحل الآمن يصبح مخرجاً فى حالة ما إذا كان الرئيس مستعداً لترك الحكم، وما يمنعه من ذلك هو احتمال الملاحقة، كما أنه يفترض أن تكون هناك قوة مجتمعية ضاغطة، راغبة فى مغادرة الرئيس ومستعدة لتأمين خروجه.

أما إذا كان الرئيس غير مستعد للترك، ومتشبثاً بالسلطة حتى آخر نفس ومستمراً فى منصبه لخدمة البلد طبعاً مادام القلب ينبض، فإن الشرط الأساسى للحل يسقط، وهو ما يحدث أيضاً حين يستحكم الفراغ السياسى ولا توجد فى البلد قوة مجتمعية ضاغطة مرشحة للتفاوض مع الرئيس حول الموضوع.

- إن فكرة الخروج الآمن لا تعد حلا مثالياً من الناحية النظرية، لأن بعض الحكام وحاشيتهم ارتكبوا جرائم بحق شعوبهم ينبغى أن يحاسبوا عليها. وإذا ما تم ذلك فإنه يعد عين العدل والعقل.

لكن هذا الحل عادة ما يكون باهظ التكلفة وربما مهدداً للاستقرار، كما أنه قد يفتح الباب لحملات التصفية والانتقام. لذلك يغدو التحلى بروح الصفح مخرجاً مريحاً، من حيث إنه يوقف البطش والظلم من جانب، رغم أنه لا يحقق العدل المنشود من جانب آخر، وفى هذه الحالة فإن الخروج الآمن يعد اختياراً لأهون الشرين وأخف الضررين.

- إن موضوع الخروج الآمن لا يُطرح كقضية إلا فى المجتمعات غير الديمقراطية. لأن القادة فى المجتمعات الديمقراطية يحاسبون أولاً فأولاً أثناء وجودهم فى السلطة، ومن ثم لا يحتاجون إلى حماية بعد خروجهم.

أما الذين يحتاجون إلى حماية حقاً فهم أولئك الذين يعلمون سلفاً أنهم أتوا أفعالا يجرمها القانون أثناء حكمهم، وأن مناصبهم هى التى حصنتهم ضد الحساب، ومن ثم يريدون أن يخرجوا وقد اطمأنوا إلى أنهم يحتمون بتلك الحصانة التى تمكنهم من طى صفحة الماضى ونسيانه.

وقد أبدت شعوبنا دائماً استعداداً للصفح عن الظلمة، لكنها دائما ترضى بالهم لكن الهم يتأبى ولا يرضى بها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة