دعت جامعة أمريكية إلى توثيق قصص وشهادات اليهود المهاجرين من مصر بالتعاون مع جامعة إسرائيلية، وأشارت الدعوة التى أطلقتها الجامعة إلى أن اليهود فى مصر والعراق وسوريا والمغرب تعرضوا لاضطهاد وسجنوا بشكل عشوائى، وهو ما جعلهم يفرون من مصر إلى أوروبا وأمريكا، وكأن مصر أقامت "هولوكوست" لليهود وهذا ما نفاه عدد من المؤرخين والسياسيين فى مصر، حيث أكد المؤرخ الدكتور فخرى لبيب، أن اليهود لم يعيشوا مضطهدين فى مصر وأنهم تمتعوا بكافة حقوقهم كمواطنين مصريين، موضحاً أنه عاصر فترة تواجد اليهود فى مصر وأنه كان يلعب معهم، وهو طفل ويعيش بينهم ويذهب للجامعة معهم، كما لم تميز الدولة المصرية بين مواطنيها خلال هذه الفترة؟ فكان المسلم يتساوى فى الحقوق مع المسيحى واليهودى، وشكلوا نسيجاً داخل الحياة المصرية فكان منهم الوزراء وأصحاب رؤوس الأموال، والأهم من ذلك هو أن بعضهم كان يشارك مع جمعيات وحركات معادية للصهيونية، وكثيرون منهم كانوا ضد هذه الحركة ووقفوا بجانب الوطنيين المصريين فى الحركات السياسية، ودافعوا عن مصر باعتبارها وطنهم ضد المعتدى البريطانى والإسرائيلى.
وأشار لبيب إلى أن اليهود الذين سجنوا فى مصر لم يسجنوا باعتبارهم يهوداً، وإنما سجنوا كما سجن عديد من المصريين اليساريين وحتى الإخوان، ولم يفرقوا بينهم حتى داخل السجون، فكان الشيوعى واليهودى والإخوانى داخل زنزانة واحدة فى نفس الظروف ويعاملون نفس المعاملة.
وأضاف لبيب، أنهم كانوا مجموعة صغيرة فى حرب 67 ولم يكن لهم تأثير يذكر وقتها. وأكد لبيب أن اليهود المؤيدون للحركة الصهيونية وقتها كان لهم دور كبير فى الهولوكوست، حيث كانوا يغذون النازية بكشوف تضم أسماء اليهود الشيوعيين بهدف الخلاص منهم من ناحية، وتخويف الباقين وتشجعيهم على الهجرة لإسرائيل، موضحاً أن من هاجر من يهود مصر إلى إسرائيل أو غيرها هاجر خوفاً من أن تضطهدهم السلطات مستقبلاً.
هذا ما أكده أيضا الدكتور نبيل عبد الفتاح رئيس مركز تاريخ الأهرام، الذى قال إن هذا الحديث غير صحيح بالمرة وقائم على معلومات غير دقيقة، ولم يكونوا مضطهدين بالمرة، بل شكلوا حالة من التعايش فى مصر بكل طوائفها وديانتها، فكان يعيش اليهودى والمسيحى والمسلم فى سلام، وكان المجتمع المصرى قائم على قيم مدنية لا تنفى حضور الدين، لكنها تميز بين المجالات السياسية والاجتماعية والدينية، مؤكداً أن هذه الحالة أبهرت العالم كله.
وأشار عبد الفتاح إلى أن اليهود تمتعوا بكافة حقوقهم المدنية واعتلوا أرفع المناصب، ولم يعيشوا منطوين على أنفسهم واشتغلوا فى التجارة وكانوا رأسماليين كبار وجزء من صغار ومتوسطى التجار، كما أوضح أن النظام السياسى المصرى لم يفرق بين يهودى أو غيره وكان يطبق سياسة واحدة على الجميع.
وأضاف عبد الفتاح، أنه بعد عام 52 بدأت إسرائيل فى محاولة لقيام دولتها الخاصة وشنت حملة لجذب أكبر عدد من اليهود إليها وهذا ما جعل اليهود يخرجون من مصر، فمنهم من هاجر لإسرائيل ومنهم من سافر لأوروبا خوفا من اضطهاد مصرى ومصادمات وردود أفعال سلبية من المصريين عليهم بسبب العدوان الإسرائيلى وغير ذلك، مضيفاً أنهم هاجروا على فترات.
وأكد الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة على ما قاله عبد الفتاح ولبيب عن معاملة اليهود المصريين كانت كمعاملة باقى المصريين من المسيحيين والأقباط، وقال: الهجرة بدأت بعد حرب 1948 وكانت العصابات الصهيونية هى التى تشجع على الهجرة، وترسل جماعات إرهابية للقيام بأعمال تخريبية فى مصر حتى يشعر اليهود بالاضطهاد ويضطروا إلى الهجرة رغما عنهم لتكوين دولة إسرائيل، أضاف: كما كان للهجرة أبعاداً اقتصادية فبعد قرارات التأميم عام 1956 طبق على اليهود المصريين ما طبق على غيرهم من المصريين الذين خضعوا لشروط التأميم، وبالتالى تم تأميم بعض ممتلكاتهم.
أما بالنسبة للاعتقال فاعتقل بعضهم بسبب انتمائهم إلى الحركة الشيوعية المعادية للنظام وقتها وقامت حملة اعتقالات واسعة لم تقتصر عليهم إنما شملت كافة أقطاب النظم الشيوعية فى مصر فى اعتقالات يناير 1959.
واستكمل: استمعت يوماً ما إلى برنامج فى راديو إسرائيل يسمى "سهرة مع مادلين" ذكرت فيه المتحدثة وهى من اليهود المصريين وتدعى سميحة، أن أسباب هجرتها إلى إسرائيل تتعلق بالحفاظ على ابنها، حيث كانت متزوجة من مسلم مصرى يدعى محمد العقاد وأنجبت، ولكنه توفى فطالب أهل الزوج باستعادته فما كان منها إلا أن هاجرت إلى إسرائيل حتى لا يتمكنوا من استعادة الطفل، ودخلت إسرائيل عن طريق "قبرص" بعد أن سافرت إليها بتأشيرة سياحية ومن قبرص سافرت إلى إسرائيل حتى تحافظ على ابنها، مما ينفى وجود أى شكل من أشكال الاضطهاد ضد اليهود المصريين.