«منذ 20 عاما باع زوجى «السيد أبو دوح» منزلنا وأخذ ماله ورحل إلى القاهرة، ولم نره حتى الآن، وتركنى أنا وأبناءه ياسر الذى كان فى الثامنة من عمره، ونجوى التى كانت فى الرابعة، تركنا بلا سكن أو مصدر رزق نعيش منه».
هكذا بدأت الزوجة زينب رجب 50 سنة من قرية أصفون التابعة لمركز إسنا بمحافظة قنا حديثها قائلة: 20 سنة بالتمام والكمال، تعبت كل التعب فى تربية أبنائى، فبعد أن باع أبوهم المنزل ورحل، لم نجد لنا منزلا يأوينا سوى منزل أمى الذى مازالت تسكن فيه شقيقتى الصغرى والذى تبلغ مساحته 20 مترا فقط، ويفتقد كل مقومات السكن ولايتسع لنا، كما أن شقيقى يهددنا الآن بطردنا.
وأضافت الزوجة أن ابنها ياسر الذى بلغ 28 سنة حاليا، سافر ذات مرة إلى القاهرة ليرى والده، ففوجىء بأن والده قد تزوج من امرأة أخرى من القاهرة، وله منها أبناء آخرون، ومنعوه من مقابلة أبيه وطردوه مما أصابه باكتئاب شديد ومرض السكر النفسى، ولم يعد يستطيع الخروج من المنزل ، تقول زينب: «كل ما أطلبه هو مسكن آمن لى ولأبنائى، ومصدر رزق أربى منه أبنائى بالحلال، لأن الحلال قليل فى هذا الزمن».
أما ابنته نجوى 24 سنة التى لم تر والدها منذ أن كانت صغيرة ولا تعرف شيئا عنه ولم تسمع حتى صوته ولو بالتليفون فتقول: «الناس فى القرية يعايروننا ويقولون لنا انتوا ملكمش أب، وأنا لا أستطيع تحمل كل ذلك، وكثيرا ما سألت نفسى، هل يوجد فى الدنيا أب مثل أبى؟ وهل توجد فى الدنيا مأساة مثل مأساتنا، حيث لا أب ولا سكن ولا مصدر رزق، أنا حاولت كثيرا الحصول على عمل لأساعد أمى فى نفقتنا، وأشترى الدواء لأخى، ولكن باءت كل محاولاتى بالفشل لأنى لم أكمل تعليمى نظرا لظروفنا المادية السيئة، فقد حصلت على دبلوم التجارة ولم أستطع بعده أن أكمل دراستى فى معهد الكمبيوتر الذى التحقت به ثم تركته، أما أخى ياسر فقد ترك الدراسة منذ أن كان فى الصف الثانى الإعدادى وكل ما أرجوه هو الحصول على وظيفة أستطيع من خلالها مساعدة أمى وأخى المريض، أما أبى فلا أريد رؤيته ولا سماع صوته».