كشفت مستندات رسمية قصة تواطؤ ومماطلة تجرى فصولها داخل محافظة بنى سويف للاستيلاء على مساحة 3187 فدانا من أملاك الدولة، خصصت بالفعل منذ عام 1986 لجمعية «الواسطى التعاونية الزراعية» لاستصلاحها وزراعتها، لكن نافذين بالمحافظة وإدارة الأملاك يسعون لسلبها من أصحابها وتوزيعها على المستثمرين، خاصة أن 23 عاما مضت، على قرار التخصيص والمماطلة، وتعدد الوجوه والمناصب، أدخل الأرض فى الحيز العمرانى، لتصبح كعكة كبيرة تستحق الالتهام.
الغريب فى القصة أن أعضاء «جمعية الواسطى» صاحبة الحق فى الأرض من بينهم أيضاً شخصيات نافذة، وفى عضويتها اثنان من وزراء الرى هما الوزير الأسبق الراحل عبدالهادى راضى والسابق الدكتور محمود أبوزيد، وشخصيات مرموقة أخرى..
ولم يجد أعضاء الجمعية أخيراً سوى اللجوء لمكتب الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بسبب تعنت محافظ بنى سويف الدكتور عزت عبدالله فى تسليمهم الأرض المخصصة لهم وقيامه باستقطاع جزء كبير منها بدعوى توزيعها على مستثمرين من أسيوط مسقط رأسه حسب تأكيد مسئولى الجمعية، ليرد رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء «محمد يسرى زين العابدين» بكتاب يحمل رقم 6667 بتاريخ 16 أغسطس 2009 إلى سكرتير عام محافظة بنى سويف «للنظر فى شأن الموافقة على استكمال إجراءات التخصيص وتحديد حدود الأرض بعد استبعاد المساحات لإنشاء مرافق عامة عليها واستبدالها بمساحات أخرى» وأرسلت الجمعية استعجالاً للسكرتير العام للمحافظة يوم الثلاثاء 13 أكتوبر الماضى، وكأن 16 عاما مضت لم تكن كافية لتسليم الأرض لأصحابها.
ويقول المهندس أحمد شوقى رئيس مجلس إدارة الجمعية إنهم تسلموا على الورق المساحة الإجمالية «3187» فدانا من أملاك الدولة بغرض استصلاحها واستزراعها، بعد الحصول على الموافقات اللازمة من «المحافظة والمناجم والمحاجر والآثار والدفاع والرى» وتم تقدير قيمة الفدان بواقع 500 جنيه فى 2 ديسمبر عام 1986 وفى 2يوليو 1986 قامت الجمعية بسداد مقدم الثمن وقدره 60 ألف جنيه إلى أملاك الدولة بموجب شيك رقم 12446، وخصصت المساحة فى منطقة تعرف بحرف «ح 23» خارج زمام ناحية بياض العرب.
ورغم ذلك جرت مماطلات عديدة لتسليمنا الأرض فعليا رغم صدور موافقة من محافظ بنى سويف السابق اللواء أحمد عابدين على قرار اللجنة الدائمة لأملاك الدولة رقم 442 بإعادة تخصيص المساحة وتسليمها للجمعية. وفى نوفمبر 2008 قال محافظ بنى سويف الدكتور عزت عبدالله فى اجتماع بمجلس إدارة الجمعية إن المحافظة لا ترغب فى إعادة تخصيص الأرض للجمعية وقرر بعد جدل طويل أن يعطى للجمعية ألف فدان تعويضا للأعضاء عن الجهد السابق بذله فى الاستصلاح والاستزراع خلال السنوات الماضية ثم وعد بعد ذلك بزيادتها مستقبلاً وإمعانا فى الضغط على الجمعية أعلن المحافظ أنه حصل على تعهد من مسئولى جمعية النيل على عدم إعطاء مياه للجمعية من مشروع الرى المشترك إلا بعد الحصول على موافقة منه شخصياً.
وجرى بعد ذلك استدعاء رئيس مجلس إدارة الجمعية لمكتب سكرتير عام المحافظة للموافقة على عقد اتفاق تخصص بموجبه الأملاك مساحة 1100 فدان فقط للجمعية، على أن توافق الجمعية العمومية للجمعية عليه خلال 15 يوماً، وفى حالة عدم الرد يعتبر الاتفاق غير ملزم للمحافظة، ولها الحق فى التصرف بالأرض وبالطريقة التى ترى أنها تتفق مع الصالح العام.
واتضح -حسب المهندس أحمد شوقى رئيس مجلس إدارة الجمعية- أن العقد هو عقد إذعان يحدد شروطا تعجيزية لسحب الأرض فى النهاية، ومنها تحويل مقدم الثمن المدفوع من الجمعية إلى مقابل انتفاع عن المدة السابقة ولا يجوز تغيير الغرض المسدد من أجله، ومهلة قدرها عام ونصف لزراعة الأرض التى ستخصص وإلا سيتم سحبها، رغم أن القانون يعطى ثلاث سنوات، وغير ذلك من الشروط التعجيزية، ومازال الموقف كما هو بين الطرفين.
