إن مصر اليوم فى أزمة، وهى ليست مجرد أزمة غلاء أو رغيف عيش. الأزمة أن مصر الآن فى مفترق الطرق تكون أو لا تكون بين الأمم. هل يبقى الأمل والهمة فى شعب مصر أم نتركه فريسة لليأس يأكل أمله وهمته؟!
إذا بحث كل منا بتعمق فى الصورة العامة للتدهور لأيقن أن هذه الأزمات التى نعيشها تنبع من جذر واحد غير صالح، ومن ساقه تتفرع كل مشاكل مصر.
هذا الجذر الذى نعنيه هو تعطيل مبدأ أساسى أقره الله من مبادئ صلاح الحياة، ومعناه أنه لولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض.
المقصود هنا أن يشترك أفراد الشعب جميعاً فى نظام عام اسمه الديمقراطية، ليحدث هذا الدفع الذى يحد من الفساد. الديمقراطية الكاملة تعنى آليات واقعية وشفافة لتداول السلطة وتعنى انتخابات نزيهة تأتى بمحافظين ورؤساء مدن وعمد قرى كلهم آذان لمواطنيهم، وأعينهم على يوم الانتخابات، وتعنى أيضاً مجلس شعب يمثل بحق ضمير هذا الشعب وعينه التى تراقب ويده التى تدفع.
صلاح الأرض يتحقق بالديمقراطية الكاملة لأن دفع الناس كما أقر الله يتحقق بإسقاط كل مسئول لم يرض شعبه فى الانتخابات.
غاب إحساس الشعب بأن كلمته ذات وزن وأن شكواه تسمع. غاب إحساس المشاركة فأصبح الشعب يبدو وكأنه ثقل حديدى ضخم مربوط بسلاسل بأرجل الحكومة والنتيجة حركة متثاقلة للتنمية لا تساير مصر فيها باقى الأمم التى تنعم بالديمقراطية الكاملة.
النقص المعيب للديمقراطية فى مصر يجعل الحكومة فى موقف مهتز أمام الشعب غير قادرة على التصدى لقضايا الإصلاح الجذرى. ذلك الإصلاح الذى نحتاجه بشدة فى النظام الإدارى للدولة ولزيادة الناتج المحلى الإجمالى وتصحيح خلل ميزان الأجور والأسعار تبعاً لذلك.
نحتاج هذا الإصلاح الجذرى فى نظام التعليم الذى لا يفى باحتياجات الأسرة المصرية ولا باحتياجات التنمية الشاملة، وأيضاً فى النظام القضائى الذى بلغ بطئه فى تحقيق العدالة درجة توصف بالظلم فى أحيان كثيرة. الديمقراطية الكاملة قادرة على أن تأتى بمجلس للشعب كله آذان لشكاوى هذا الشعب فيضغط ويدفع من أجل الإصلاح الجذرى الذى بدونه لا أمل لنا فى النهوض، وهى قادرة على أن تأتى بهذا المجلس قوياً ليتصدى لتغول السلطة التنفيذية على ما عداها من السلطات، فلا نهضة لمصر مع إهدار مبدأ الفصل بين السلطات.
لنصل للديمقراطية الكاملة يجب علينا النظر فى إقرار دستور جديد لمصر ونظام انتخابات نزيه يقوم على أساس عودة الإشراف القضائى وتنقية كاملة لجداول الناخبين، وأن تكون الانتخابات بالرقم القومى وأن تقوم الدولة بكل الحزم بمنع شراء الأصوات العلنى الذى وصل إلى داخل اللجان الانتخابية وعلى أسوارها..
لابد أن تسمح الدولة لكل الأحزاب الشرعية بالعمل وسط الجماهير بدلاً من حصارها داخل مقارها.
البديل لطريق الديمقراطية الكاملة هو التنظيمات غير الشرعية ولجوء المجتمع للعنف للتعبير عن نفسه وتهاوى آمالنا فى تقدم مصر.
* أستاذ بطب قصر العينى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة