إن غاب الضمير سهل التدنى..

وائل السمرى يكتب: كيف ألوح لك بوردة وبينى وبينك دبابة؟

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009 10:37 م
وائل السمرى يكتب: كيف ألوح لك بوردة وبينى وبينك دبابة؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلنا نحب السلام، والحب والحرية والعدل وكل القيم الإنسانية النبيلة، لكن إن ساقنا حبناً للشىء إلى ما هو "أدنى" أصبح هذا الشىء كابوساً، ومرضاً، وخبثاً تجب مواجهته والشفاء منه وإن لزم الأمر استئصاله، وعلى هذا لا يجب أن يسوقنا ما يقال من حين لآخر عن فوائد "التبادل" الثقافى بين مصر وإسرائيل وما يترتب على هذا من "نشر المعرفة" وذلك لعدة أسباب أهمها أن مصر "الرسمية" كانت أول الدول العربية التى أقامت علاقات سياسية مع إسرائيل، ولم يبق لمصر "الحقيقية" فى مواجهة إسرائيل إلا عدم التطبيع الثقافى الذى حافظ عليه مثقفوها ببسالة واستماتة؛ حتى أنهم أجبروا وزارة الثقافة وهى إحدى مؤسسات الدولة على السير عكس الإرادة السياسية للبلد، وأصبحت "الثقافة" حائط صد ضد كل المحاولات التطبيعية، ولم تزد محاولات خرق هذا الحائط إلا التأكيد على وجوده، وهذا ما ظهر بوضوح فى موقف المثقفين من الكاتب على سالم، ومحاولاته المستمرة لتمرير رسائله التطبيعية تحت غطاء الحب والسلام والمعرفة!!

نعم كلنا نحب السلام لكن "السلام" يتنازل عن قيمته وجدواه حينما يصبح "استسلاماً" ومن الشاذ عن الطبيعية الإنسانية أن نستسلم لمن يقف ضد الإنسانية بالمرصاد، إلا إذا كنا مازوخيين نحب من يعذبنا ويقهرنا ويسرقنا، ونستعذب هذا السلوك الشاذ لدرجة أن نغض الطرف عن مغازلته لنا بعد اغتصابنا واغتصاب حقوقنا وتاريخنا، نعم لا يوجد قانون أو تشريع يجرم التطبيع، لكن ضمير المثقف هو قانونه وشريعته، وإن غاب الضمير سهل التدنى، وإذا باع الغير بثمن بخث، فسهل على البعض أن يبيعوا مجاناً، وإن كان عدم التطبيع هو الذى "يسترنا" كمثقفين مصريين بعد أن هرول الساسة إليه، فمن العيب أن نتنازل هكذا ببساطة وهدوء مع وجود كل هذه الحروب المعلنة والخفية، وإن كانت قيمة نشر المعرفة وتغيير صورة العرب هى الحجة التى يكرر ذكرها المُطَبِّعون فليس هنالك أسهل من أن ننشر صورتنا الحضارية ونزداد معرفة بالاطلاع دون إقامة علاقة مباشرة مع الإسرائيليين، سواء عن طريق القرصنة أو عن طريق الترجمة عبر لغة وسيطة، أما إذا سرقوا هم إبداعنا، فهذا دليل إضافى على أنهم سارقين ومغتصبين، يسرقون إبداعاتنا كما يسرقون تاريخنا وأرضنا وأحلامنا، ويعد هذا أيضا دليلاً على أن هذه الدولة العنصرية تمارس السرقة فى جميع أطيافها وفئاتها حتى المثقفين منها، وأن نكون أصحاب حق مسروق خير ألف مرة من أن نكون مستسلمين خانعين راضين بالذل والهوان.

من أطرف الآراء التى قيلت فى مسألة تطبيع إيمان مرسال وأغباها، ما ذكره بعض "البجحاء" على حد قول الشاعر "شعبان يوسف" إن الشاعرة لم تطبع لأنه لم يثبت حتى الآن أنها وقعت عقداً أو قامت بزيارة إسرائيل، كما قيل إن "مرسال" "فقط" لم تمانع من ترجمة ديوانها وأن المترجم استأذنها فى ترجمة الديوان فأذنت له، "فقط" هذا ما فعلته، وأكرر أنهم يرددون كلمة "فقط" كما لو كان من المفروض أن تفعل شيئا آخر لتثبت عليها صفة "التطبيع"!! وماذا يريد الإسرائيليون غير الموافقة "فقط" ليثبت أمام العالم أننا نعترف بهم وبأفعالهم اللاإنسانية، وهل يوجد ما يمنع أن يكتب المُطَبِّع عقداً مع دار النشر الإسرائيلية ولا يظهره، فمن الطبيعى ما دام أعلن الكاتب موافقته على ترجمة ديوانه أو روايته ألا يتهم الإسرائيليين بالسرقة، ولأنه لن يتهمه بالسرقة لن يتنازع مع دار النشر، وبالتالى لن تظهر دار النشر عقده معها احتراماً له ولموقفه "المتواطئ" وعلى هذا يكون العقد سر بين اثنين، من مصلحة الكاتب ألا يظهره لكى يحافظ على وجاهته فى بلده، ومن مصلحة دار النشر أيضا إخفاؤه لكى تحافظ على صورتها وتحافظ على عملائها، لتصبح هى أكثر جمالاً وإشراقاً "بصهينة" الكاتب عن ترجمة عمله بموافقته، ويصبح الكاتب من عملائها المحترمين ومن مرشحيها لكل المؤتمرات والجوائز العالمية، وللعلم كثير من دور النشر المصرية لا تقوم بعمل عقود مع الكتاب، بناء على علاقاتها الشخصية به وبكلمة شرف من الكاتب والناشر، وإن كان "المبررون" يدعون أن "مرسال" ليست مُطَبِّعة، لأنه لا يوجد عقد مكتوب فهذا أدعى للإدانة، لأنها بذلك تكون تعاملت مع دار النشر الإسرائيلية وكأنها دار نشر مصرية بينهما "فقط" كلمة "شرف"!!

معلومة أخيرة يجب الإشارة لها وهى أن دار النشر التى تعاملت معها مرسال، وهى "الكيبوتس الموحد" هى دار تابعة لحركة الاستيطان الإسرائيلى فى فلسطين، وتأسست عام 1940 وبذلك تكون من أوائل الجمعيات التى ساهمت فى زرع هذا الكيان الصهيونى داخل المنطقة، وتخصصت تلك الدار فى نشر الكتب التى تتناول تاريخ الحركة الصهيونية، وأنشطة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، أى أنها كانت مسئولة عن زرع الاستعمار "ثقافياً" وهذا للعلم.


موضوعات متعلقة:

وائل السمرى يكتب: "زلة" الشاعر والمتاجرة بالهولوكوست الجديد
وائل السمرى يكتب: شرف المثقفين "التائه" تجاه التطبيع
سيد البحرواى يعلن مقاطعته لـ"مرسال"
الأدباء: ترجمة "جغرافيا بديلة" عزلت "مرسال"
نبيل عبد الفتاح يطالب بترجمة المزيد من العبرية وإليها
ناشرون: لن نتعامل مع إيمان مرسال
حزين عمر: لن نقبل مرسال باتحاد الكتاب
مترجم "جغرافيا بديلة" يدافع عن إيمان مرسال





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة