تساءلت مجلة التايم فى تقرير نشرته اليوم عما إذا كان التقارب الفرنسى الإسرائيلى قد ألقى بظلاله على علاقة باريس بالدول العربية، وقالت إن مشهد فرنسا وهى تتدخل لصالح إسرائيل فى الفترة التى سبقت تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تقرير جولدستون حول الحرب الإسرائيلية على غزة فى الشتاء الماضى، جعل الدول العربية تشعر بالحنين إلى فرنسا قبل وصول نيكولا ساركوزى إلى السلطة.
فساركوزى غير من السياسة الخارجية لفرنسا من خلال إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة التى كانت قد تضررت كثيراً بسبب الغزو الأمريكى للعراق. وأعاد عضوية بلاده بشكل كامل إلى حلف شمال الأطلسى، وتبنى خطاً أكثر تشدداً فى الموقف من البرنامج النووى الإيرانى ربما أكثر من موقف واشنطن نفسها. وفى الشرق الأوسط، قام ساركوزى بما سمته المجلة "إعادة التوازن فى مواقف فرنسا المؤيدة للعرب، بمزيد من التأييد لإسرائيل، تلك الدولة التى كان الرؤساء الفرنسيين السابقين يعتبرونها مثيرة للمشاكل".
إلا أن المسئولين الفرنسيين يقولون إن احتضان بلادهم الجديد لإسرائيل لن يكون على حساب العرب، وأنه قائم على أساس تحقيق قدر أكبر من النفوذ فى المنطقة من خلال القيام بدور أكثر أهمية فى حل الصراع الطويل فيها. ويرى هؤلاء المسئولون أن الدعم الفرنسى لإسرائيل فى الموقف من تقرير جولدستون بمثابة مثال على ذلك.
فقبل التصويت على التقرير الذى تمت الموافقةعليه بـ 25 صوتا مقابل 6 أصوات رافضة، انضمت فرنسا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا فى السعى إلى تنازلات من جانب إسرائيل تجاه الفلسطينيين التى يمكن أن تساعدهم على الاقتناع بالتخلى عن القرار. وعندما فشل هذا الأمر، تقدمت فرنسا بطلبين لتأجيل التصويت، وهو ما قوبل بالرفض من مصر التى تعد واحدة من أقوى حلفاء فرنسا العرب تاريخياً.
وتقول التايم إن باريس ربما تكون أقرب حليف وداعم للأنظمة العربية أكثر من أى قوى غربية أخرى على مدار العقود الأربعة الماضية، إلا أن المسئولين الفرنسيين يقولون إن الهدف الأساسى لساركوزى فى المنطقة هو تحقيق السلام من خلال إنشاء دولة فلسطينية وتوفير ضمانات لأمن إسرائيل وهى الأهداف التى لا يمكن تحقيقها فى ظل برود العلاقات مع إسرائيل.
وتنقل الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين الفرنسيين، الذى لم يكشف عن هويته، قوله إن بلاده يمكن أن تشارك أكثر فى عملية السلام بالحفاظ على علاقات الصداقة البناءة مع كل اللاعبين، أفضل من أن تكون لها علاقة قوية بطرف على حساب طرف آخر.
ويقول جان فرانسوا داجوزا خبير شئون الشرق الأوسط الفرنسى، إنه بعيداً عن التعاملات مع إسرائيل وموقف ساركوزى المتشدد للغاية من إيران، فإنه سياسته الخاصة بالشرق الأوسط مشابهة إلى حد كبير لسياسة سابقيه مع مزيد من التواصل النشط. فقد أظهر ساركوزى ، كما يرى الخبير الفرنسى،أنه يريد لفرنسا دور أكبر وأكثر نشاطاً فى المنطقة عما كانت تقوم به فى الماضى، وللقيام بهذا يجب أن يكون له علاقة أقوى بإسرائيل دون إلحاق الضرر بعلاقتها مع حلفائها العرب التقليديين. ودللت التايم على هذا الرأى بالقول إن ساركوزى أخرج سوريا من حالة العزلة الدولية وساهم فى خلق الاستقرار السياسى بلبنان.
التقارب الفرنسى الإسرائيلى ألقى بظلاله على علاقة باريس بالدول العربية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة