تباينت الآراء حول مشروع القانون الجديد، الذى أعلن عنه وزير الاستثمار مؤخرا، الخاص بإنشاء شركات للتمويل متناهى الصغر، حيث انتقد البعض المشروع الجديد واعتبروه مجرد أحلام لن تنفذ وإذا نفذت لن تؤدى الغرض منها، وذهب البعض إلى أنه سيضر السوق أكثر مما سيفيدها. وهناك من قارن بين نتائجه المتوقعة على السوق وما حدث مع الفلاحين عندما توسع بنك التنمية والائتمان الزراعى فى منح القروض الصغيرة للفلاحين، وهو ما أدى فى النهاية إلى تعثرهم. وعلى الجانب الآخر هناك من دافع عن المشروع واعتبره السبيل الوحيد لتنشيط الركود الحالى فى الأسواق.
أحلام وردية قاتلة
أحمد قورة الخبير المصرفى، انتقد تصريحات وزير الاستثمار بإنشاء شركات لتمويل متناهى الصغر، مؤكدا أنها أحلام وردية، مشيرا إلى أن البنوك والتى تعمل منذ 100 عام لم تنجح فى الإقراض متناهى الصغر، لافتا إلى أن شركات الإقراض متناهى الصغر بسبب انخفاض رأس مالها تضطر للاقتراض من البنوك بفائدة مرتفعة، مما يرفع تكلفة القروض على العملاء، حيث تحصل الشركات على القروض من البنوك بفائدة مرتفعة ثم تضيف فائدة أخرى على العملاء.
وأضاف قورة أن التوسع فى عمل هذه الشركات سيؤدى إلى زيادة معدلات التعثر بين المواطنين البسطاء على غرار ما حدث فى بنك التنمية والائتمان الزراعى، الذى كان يقدم قروضا متناهية الصغر للفلاحين ولكن بفائدة عالية جدا أدت إلى تعثر معظم الفلاحين وتعرضهم للسجن حتى تدخل الرئيس بنفسه للتخفيف عنهم، وهو ما سيحدث مع المنتفعين من القروض التى ستقدمها هذه الشركات الجديدة، لأنها ستعتمد فى التمويل على أموال البنوك التى تأخذها بفائدة ثم تضيف هذه الشركات فائدة أخرى حتى تحقق ربحا لنفسها، وبالتالى سيدفع المقترض فائدة مضاعفة مما سيؤدى فى أغلب الأحوال إلى تعثرهم ثم تعثر هذه الشركات والبنوك بالتبعية.
وأكد قورة فشل تلك الشركات لأنها تفتقد للخبرة وعدم وجود جدية تمكنها من إدارة الأموال، مشيرا إلى أن شركات تمويل المتناهى الصغر نجحت فى الخارج لاشتراطها وجود تأمين على العميل فى حالة تعثره يقوم بالسداد عنه، مضيفا إلى أنه كان من باب أولى أن يقوم بإنشاء شركة للتأمين ضد مخاطر عدم السداد الائتمانى للبنوك.
وقال إن تلك الشركات لا تختلف عن عمل الصندوق الاجتماعى وإن الاختلاف الوحيد أن الصندوق يمول من مصدر معونات، فى حين تمول الشركات التمويل متناهى الصغر عن طريق البنوك، مؤكدا عدم وجود ضوابط تحدد معالم التمويل ولا توجد بيانات لدى العملاء على ضوئها يؤخذ القرار الائتمانى السليم، ولا توجد لديهم حسابات أو دفاتر تحدد حجم تعاملاتهم، مما سيؤدى حتميا إلى وجود تعثر، عكس التمويل متناهى الصغر فى الخارج والذى يمتلك العميل سجلات وتأمين لعدم السداد.
وحول تأثير تلك الشركات على ارتفاع معدلات التضخم، أكد أنها حتميا ستؤدى إلى رفع معدلات التضخم، لافتا إلى قرار البنك المركزى والذى يحاول خداع المواطنين بانخفاض معدلات التضخم بعد قراره بتغيير المعيار الذى يحدد نسب التضخم وأهمها استبعاد أسعار السلع الغذائية من معيار التضخم لإيهام الناس بانخفاض حجم التضخم.
أموال لا ترد
فى حين أكد صلاح العيوطى رئيس بنك النيل السابق، أن القروض متناهية الصغر كانت تخرج أساسا من مؤسسات متخصصة فى ذلك مثل الصندوق الاجتماعى، لافتا إلى صعوبة حصر المشروعات متناهية الصغر، لأنها تقدم للحرفين وأن الحكومة يصعب عليها استرجاع تلك الأموال.
وأكد العيوطى أن إنشاء تلك الشركات لن يؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم، حيث إن التضخم موجود بالفعل فى مصر نتيجة قلة المعروض وتكالب المواطنين على السلع، لافتا إلى أن البنك المركزى أعلن أن معدلات التضخم 8% ولكن الحقيقة هى أنها 15%، وكان عليه أن يخفض سعر الفائدة حتى يشجع المودعين على إيداع أموالهم داخل البنوك بدلا من إنفاقها ورفع معدلات التضخم، مؤكدا أن الهدف الرئيسى من خفض سعر الفائدة هو خفض حجم الدين المحلى الحكومى على حساب صغار المودعين حيث انخفض سعر الفائدة إلى النصف.
وقال العيوطى إن فكرة التمويل متناهى الصغر فكرة جيدة، حيث إن هناك العديد من الصناعات التى انقرضت من مصر حتى صناعة التماثيل أصبحت صينية المنشأ، مؤكدا أن نجاح الفكرة مرهون بإنشاء مراكز تدريب للحرفين موازية للمشرعات التمويل متناهى الصغر، بالإضافة إلى وجود جدية من قبل العملاء.
تنشيط سريع للسوق
ومن جانبه أكد محمد فريد رئيس إدارة أسواق رأس المال بوزارة الاستثمار، أن المشروع الذى تعده وزارة الاستثمار لتنظيم وإنشاء شركات للتمويل متناهى الصغر هو نوع من إعادة توزيع أنشطة هذه الشركات بطريقة تسمح بتقديم خدمات مالية وإقراض متناهى الصغر يسهم فى تنمية القطاعات الأقل استفادة من الخدمات البنكية الكبيرة.
وقال فريد إن هذا القانون سيضمن تنشيطا سريعا للسوق خصوصا فى هذه المرحلة التى تشهد اتجاها جديدا للركود رغم التحسن النسبى فى الفترة الماضى سواء فى السوق المحلية أو العالمى، حيث كانت السوق المحلية تفتقر إلى قانون ينظم صناعة التمويل متناهى الصغر التى تهيمن عليها حتى الآن منظمات غير هادفة للربح وبنوك مملوكة للدولة.
يذكر أن الحكومة منذ بداية الأزمة المالية اتخذت حزمة من الإجراءات لدعم الاقتصاد منها تخصيص مبلغ 15 مليار جنيه فى ميزانية السنة المالية 2008/ 2009 لإنفاقها على مشروعات البنية الأساسية لتوفير فرص عمل، ودعمت المناطق الصناعية وصولا لرفع معدل التشغيل فى القطاع الصناعى للحفاظ على معدل النمو، لأن الأزمة العالمية هى بالأساس أزمة منتجين وليست أزمة مستهلكين، ومنها تثبيت أسعار الطاقة للمناطق الصناعية حتى نهاية 2009 ومنح أولوية للقطاع الصناعى فى توفير احتياجاته من الطاقة اللازمة لتحفيز الإنتاج والاستثمار.
خبراء: مشروع قانون محى الدين بإنشاء شركات التمويل متناهي الصغر نسخة جديدة من قروض بنك الائتمان الزراعي .. إنعاش سريع للسوق .. فائدة مرتفعة تعرض المواطنين البسطاء للسجن
الإثنين، 26 أكتوبر 2009 05:02 م
محمود محى الدين، وزير الاستثمار
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة