رصدت صحيفة الجارديان أوضاع حرية الصحافة فى مصر، مؤكدة أنه على الرغم من تنامى جرأة وسائل الإعلام المصرية فى السنوات الأخيرة، إلا أن الصحفيين يعملون وهم يخشون من يراقبهم.
وكتب المحلل السياسى العربى خالد دياب، تحليلا عن تقرير حرية الصحافة الصادر مؤخراً عن منظمة "مراسلون بلا حدود" والذى صنف مصر فى المرتبة 143 من بين 175 دولة من حيث حرية الصحافة، عكس مكانة خاصة لها بين الدول التى تعتبر من أعداء الإنترنت. فبحسب ما جاء فى تقرير المنظمة "أن حيوية مناخ التدوين المصرى على الساحة الدولية هو أبعد من أن يكون ميزة للمدونيين الذين يعدون من أكثر المدونيين المطاردين فى العالم".
ويستدرك الكاتب: إن هذا المستوى المنخفض لا يعكس الطابع المتناقض لحرية الإعلام وحرية التعبير بشكل عام فى مصر. فمن جانب، تطبق مصر قوانين إعلامية مقيدة، ووسائل إعلام حكومية مقيدة بشكل أكبر، ومن ناحية أخرى، فإن النظام بكل تبجحه ضعيف إلى حد ما، وهناك عدد من المصريين الذين يمتلكون تاريخاً من النضال لأجل الحرية رغم كل المصاعب، ويوجد فى مصر صحافة مستقلة ومجتمع مدنى ومنشورات كثيرة تلتف حول القوانين المقيدة عبر التراخيص الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام الجديدة تقود ثورة صغيرة فى الوقت الذى يعمق فيه الإنترنت والأقمار الصناعية الإختراق. حيث يعترف تقرير "مراسلون بلا حدود" أنه على الرغم من قوانين الطوارئ، إلا أن الصحفيين فى مصر يبذلون قصارى جهدهم لدحر الحدود المفروضة عليهم بالرغم من الضغوط القانونية والإدارية والمالية المفروضة عليهم.
ورغم أن المصريين يتغلبون ببطء على إحساسهم بالخوف من السلطة، إلا أن العادات القديمة لا تموت بسهولة. ولا يزال هناك عدد كاف من الصحفيين الذى يرتعبون من المطالبة بالتغيير الذى يرغب فيه الشعب. فالخوف من العواقب ربما يحافظ على الصمت النبيل، فى حين أن أقلية تقرب نفسها من السلطة بالذهاب ضد قناعتهم ومعتقداتهم لتملق النظام. ووسائل الإعلام ما هى إلا صورة مصغرة من المجتمع الأوسع، فى حين أن الأغلبية تبقى رؤوسها منخفضة وأقلية متطرفة تقاتل من أجل التغيير.
ويدفع الوضع فى وسائل الإعلام، الكاتب إلى التفكير فى دور الخوف فى المجتمع المصرى ككل نوع من الآثار التى يتركها على التنمية فى البلاد. فالخوف غريزة بشرية طبيعية وآلية بقاء فعالة حتى أنه يساعد على الإبداع والابتكار، بل والأكثر من ذلك أنه لا يوجد مجتمع على وجه الأرض لا يقود الخوف فيه العمل البشرى.
وبالنظر إلى كل التحديات الأخرى التى تواجه مصر مثل نقص الموارد والاكتظاظ السكانى والتعليم الضعيف وغيرها، فإنه من الصعب تحديد الكيفية التى يشكل بها الخوف التنمية. وفى رأى الكاتب، فإن أغلب المؤسسات المجتمع المصرى، الأسرة والنظام التعليمى وقطاع الأعمال والمؤسسات الدينية تأسست فى الأساس للطبقات الأفقر بناء على ثقافة الطاعة الكاملة مع تحدى كثيراً ما يؤدى إلى العقاب بل والأسوأ إلى الاستبعاد والتهميش.
