انتقدت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية فى تقرير لها حياة اليهودية فى مصر، وزعمت أن هناك تردياً فى الأوضاع، وخاصة ما تتعرض له الآثار اليهودية من تخريب ولامبالاة من جانب المصريين، على حد زعمها.
وقالت فى بداية تقريرها المفصل الذى نشرته على موقعها الإلكترونى صباح اليوم الأحد، إن "حارة اليهود" أحد أهم الأحياء الفقيرة بالقاهرة، وبالرغم من أنه لا يوجد يهود يعشون هناك حاليا إلا أن المعبد القديم "بن ميمون" لا يزال قائما، ولكنه يتعرض للإهمال الشديد، وبالرغم من أن الحكومة المصرية تخطط حاليا لتجديده، إلا أن هذه الخطوة تأتى فى ظل شعور مناهض لإسرائيل بصورة كبيرة بمصر، وخاصة داخل الحى الفقير.
وأضافت أن هذا المعبد يعد تجسيدا للروح اليهودية القديمة والعلاقة بين الماضى اليهودى والمجتمع المصرى، بل إن الجالية اليهودية التى كانت مزدهرة فى العالم العربى بسكانها تركت وراءها آثارا مادية تتراوح بين المعابد الكبرى فى وسط القاهرة والإسكندرية، من بينها قبر متواضع فى قرية بدلتا النيل يشتاق اليهود سنويا لزيارته، ولكن فى العصر الحديث تتعرض هذه الآثار اليهودية المصرية إلى اللامبالاة والعداء السافر، حسب قول الصحيفة.
ونقلت الصحيفة تقريراً لوكالة أسوشيدبرس عن أعمال الترميم التى بدأت بالفعل فى المعبد اليهودى ونظرات السخط وعدم الرضا من السكان الذين يعيشون بالقرب منه بسبب تلك التجديدات، حيث نقلت الصحيفة عن صاحب محل لبيع الملابس يدعى (محمد فهيم) يسكن نفس الحارة تذمره من أعمال التجديدات قائلا: "الحكومة ترمم معابد اليهود، ونحن ليس لدينا ما يكفينا من طعام ولا مياه نظيفة"، مضيفا بأن هذا التصرف السطحى هو لجعل مصر فى صورة جيدة أمام الغرب وإسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أن فشل الوزير فاروق حسنى فى الفوز بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو واتهامه بأن اليهود حاكوا ضده مؤامرة لإثنائه عن الفوز يعد سبباً آخر لكراهية المصريين لليهود، بالرغم من أن مصر هى أول دولة عربية وقعت على معاهدة سلام مع إسرائيل، وأضافت أن السلام بين البلدين يتسم بالبرود بسبب الهجوم الأخير على قطاع غزة من جانب الجيش الإسرائيلى، وأضافت أن اتهام حسنى ضاعف من هذا البرود.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجالية اليهودية عاشت فى مصر منذ آلاف السنين، ويرجع عدد الجالية فى عام 1940 لـ 80 ألف يهودى تقريباً، إلا أن تلك الأعداد قد تناقصت بشدة بسبب الاضطهاد الذى راعته الدولة فى تلك الفترة بسبب الصراع العربى الإسرائيلى، الأمر الذى تكرر فى مختلف أنحاء العالم، مضيفة أن مصر وإسرائيل خاضت منذ عام 1940 إلى سبعينيات القرن الماضى حرباً بمعدل كل عشر سنوات إلى أن تم توقيع اتفاقية السلام.
وتضيف الصحيفة بالرغم من تلك المعاهدة، إلا أن إسرائيل لا تزال تشعر ببالغ الأسى لما يكنه المصريون من مشاعر غير ودية تجاه إسرائيل، بالإضافة إلى الصور النمطية المعادية للسامية فى بعض الأحيان التى تظهر فى وسائل الإعلام المصرية.
وقالت هاآرتس إن بعض المسئولين فى الحكومة المصرية يتخذون موقفاً أكثر تسامحاً من الشعب، ويتضح هذا من تصريحات الدكتور زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار المصرية، عندما قال "إن المواقع الأثرية اليهودية هى جزء مهم من تراثنا، ونحن نضعها فى أهمية كبيرة من خططنا عن طريق صيانة وتطوير المعابد اليهودية، كما نفعل فى المساجد والكنائس فى مصر".
وعادت الصحيفة وأرجعت عمليات الإصلاح فى المعابد اليهودية فى الوقت نفسه الذى بدأت فيه مصر الضغط من أجل كسب الأصوات لفوز مرشحها لليونسكو فاروق حسنى، بعد أن زاد الأمر تعقيداً بالنسبة له، عندما صرح فى البرلمان المصرى بأنه سيحرق جميع الكتب الإسرائيلية بنفسه إن وجدت فى مكتبة الإسكندرية.
سعيد سيد العراقى صاحب محل لعب أطفال بالقرب من المعبد قال لأسوشيدبرس ونقلته هآارتس أيضا "إنه بالرغم من تسبب اليهود فى إقصاء حسنى عن اليونسكو، إلا أننا نرى حتى الآن ترميم المعبد اليهودى"، ثم أشارت الصحيفة إلى تصريح حواس الذى أكد فيه أن ترميم المعابد اليهودية ليس له علاقة بترشيح حسنى لليونسكو.
وأشارت الصحيفة إلى المواقع اليهودية الموجودة بمدينة الإسكندرية، والتى تتعرض للإهمال أيضا، بالإضافة إلى ضريح "أبو حصيرة" الموجود بإحدى قرى دلتا النيل، والذى يرجع إلى القرن الـ19، والمصاعب التى تواجه الحجاج اليهود لزيارته كل عام.
وتقول الصحيفة إن معظم المواقع الأثرية اليهودية هى بمثابة تذكير للعالم كيف عاش اليهود فى أقليات عرقية وسط غالبية من المسلمين فى الشرق الأوسط وخاصة القاهرة وغيرها من المدن العربية، ومعبد "بن عزرا" ذى الأعمدة الرخامية الخضراء والأسقف ذات الإضاءة الخافتة الحمراء، والذى يرجع إلى عام 882، والذى تم اكتشاف مجموعة من الوثائق النادرة فيه عام 1800، والتى اعتبرت أحد أهم الكنوز التى اكتشفت فى التاريخ.
وانتقدت الصحيفة الحال الذى وصل إليه معبد "هاشميمط" بوسط البلد والذى وصفته بأنه أصبح كقلعة عسكرية حصينة يقف أمامه عشرات من رجال الأمن المسلحين بعد أن كان مفتوحاً للصلاة وكمزار سياحى يبيع أمامه اليهود البطاقات البريدية التذكارية والطواقى اليهودية المعروفة.
نادية هارون سيلفيرا (55 عاما) وهى محامية يهودية وتعد من آخر اليهود الذين عاشوا فى مصر تتذكر جدتها عندما كانت تقول لها "قديما كان لا يوجد حراس ولا كان هناك حاجة إلى كل هذا، حيث إن المعابد اليهودية جزء من التاريخ والوجدان المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة