لا لوم على صبرى خلف الله نائب الكتلة، على اعترافه بأن الدولة المدنية بالنسبة للإخوان مجرد سلمة للوصول إلى الدولة الإسلامية، عملاً بفقه الأولويات حسب تعبيره، وإنما كل اللوم على الذين ينتظرون من الجماعة دولة بمعاييرهم هم، وعلى مقاسهم. وما يديره الليبراليون والنشطاء المدنيون مع الجماعة، ليس حواراً، وإنما نوع من الرضا بالبلاء قبل وقوعه.
ومن المؤسف أن تتقلص طموحات الليبراليين المصريين إلى الحلم بتطبيق النموذج التركى النصف إسلامى نصف علمانى فى مصر، رغم أنه لا ينطبق علينا بأى حال، فلا علمانيونا يمتلكون قوة وتأثير نظرائهم الأتراك، ولا مسلمونا يمتلكون تقدمية ولا تفتح أقرانهم هناك، وليس هنا مجال الإفاضة فى نقد التجربة التركية نفسها.
ويكذب الإخوان حين يدعون أن غالبية المصريين فى صفهم، ويتعمدون تجاهل التيارات الأكثر مغالاة وتشدداً منهم والتى باتت تنافس الإخوان على قواعدهم بوتيرة متسارعة، فضلاً عن القطاع الواسع غير المعنىّ لا بالإخوان ولا بغيرهم، والذين لا يعرفون طريقاً لصناديق الانتخاب. لكن من حق الإخوان أن يروجوا لذلك، طالما فى الجهة المقابلة على سلم ما، أو فى قاعة مغلقة ما، جماعات قضت وتقضى عقوداً فى الكلام عن حلقة الوصل الغائبة بينها وبين الشارع.
ومن المثير للدهشة أن تدفع النخبة بنا إلى طريق مسدود، يقف الإخوان على أحد جوانبه، بحيث يبدو الوضع وكأنه لا خيارات فى آخر النفق سوى القبول بالوضع الحالى أو الارتماء فى أحضان الإخوان، ثم بذل جهود لا طائل من ورائها فى إقناعهم بضرورة العدول عن موقفهم من ولاية النساء وغير المسلمين، ومن الحكم بمرجعية السماء لا بشرائع البشر، ومن بناء دولة إسلامية على أنقاض دولة مدنية بمفهومهم.
فتلك الجهود أشبه بصخرة سيزيف فى الأسطورة الإغريقية، الذى كُتب عليه أن يحملها من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل إلى القمة تدحرجت إلى الوادى ليعود إلى رفعها مرة أخرى، وثانية، وثالثة إلى الأبد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة