على مر أكثر من ثلاثين عاماً.. قدم التليفزيون المصرى برنامج نادى السينما الذى كان بالنسبة لنا نافذة رائعة ومهمة جدا على سينما العالم الخارجى.. خلال تلك السنوات ساهم هذا البرنامج ومقدمته المذيعة الواعية والمثقفة :د. درية شرف الدين فى تنمية الوعى الثقافى والحس الفنى السينمائى بالإضافة إلى الاطلاع على ثقافة الغير.. وأظن أننى أيضاً وخلال هذه السنوات وعت عيناى على نوعية متميزة جدا من الأفلام الغربية.. كانت مختارة بعناية فائقة من قبل القائمين على البرنامج وعلى رأسهم د. درية شرف الدين.. ولكن لأن التليفزيون المصرى حالياً أصبح ينافس القنوات الخاصة الفضائية على القيمة التجارية المادية.. لا القيمة الثقافية التوعوية.. فإنه فجأة أوقف برنامج نادى السينما دون أن يعلم المشاهدين أو حتى مقدمته التى ظلت طوال هذه السنوات تجاهد جهادا مريرا لبقاء هذا البرنامج وتطويره..
ربما تخيل التليفزيون المصرى أن مجرد وجود عدة قنوات فضائية تقدم الأفلام الغربية فإن ذلك يقلل من جدوى عرضه.. وهذا أمر يفتقر إلى الوعى والحس الثقافى فعرض الفيلم وحده كما يعرض بشكل دائم ومستمر فى قنوات الأفلام الغربية لا يغنى عن وجود برنامج مثل برنامج نادى السينما.. فالبرنامج لا يكتفى بعرض الفيلم فقط وإنما يناقشه ويناقش جوانب عرضه وملابسات إنتاجه وهذا ما افتقدته كثيرا خلال فترة توقفه أو عدم رؤيتى له.. الآن عاد البرنامج مرة أخرى من خلال قناة مصرية فضائية محترمة شعرت بمدى أهمية البرنامج.. وأخيراً استطعت أن أشاهده فى موعده الجديد وشعرت فعلاً بالفرق، فالبرنامج عرض فى حلقته الماضية فيلماً عن عمل أدبى روائى وهو فيلم بيت الأرواح.. وقد استضافت مقدمته الأديب يوسف القعيد لمناقشته.. ودارت مناقشة حول الفيلم شعرت من خلالها بإشباع ثقافى رائع قدم لى ما لم أكن أجده فى قنوات الأفلام.. فمن هناك كان سيخبرنى عن الأصل الروائى لهذا الفيلم.. وكيف كنت سأعرف عن هذا التنوع الإنتاجى الذى ساهم فى إنتاجه.. ومن هو المخرج.. ومن هم أبطال الفيلم.. وأيضاً إلقاء الدور على الجوانب السياسية التى تضمنتها أحداث الفيلم.. البرنامج حقيقة يعطينى وجبة دسمة وعالية القيمة بالإضافة إلى أن هناك انتقاء للأفلام المعروضة ولذلك فنحن نقبل على مشاهدة الفيلم وهناك توقع منا بتميزه.. وهذا ما نفتقده فى قنوات الأفلام حيث إن تلك القنوات مطالبة بعرض قائمة أفلام على مدار الساعة ولذلك فإن مدى تحرى الاختيار لن يكون مفعلاً بشكل جيد.. ولذلك أنا سعيدة بتلك العودة للبرنامج.. الذى تشكل عودته أيضاً دعوة إلى الثقافة والوعى.
• فنانة تشكيلية