مع انطلاق ثانى جلسات محاكمة متهمى خلية حزب الله صباح اليوم السبت انقلب هدوء حى التجمع الخامس الذى اعتاده سكانه إلى صخب، والسكينة إلى توتر وبدا الجو ملبدا بغيوم من نوع خاص، شارك فى صنعه عشرات من أفراد الأمن المنتشرين فى كل مكان ورجال المرور الذين امتلأت بهم الميادين ومداخل الشوارع.
ففى التاسعة والنصف صباحا كانت التشديدات الأمنية فى أشد ذروتها، حيث استكملت الأجهزة الأمنية فرض كردون حول محكمة أمن الدولة العليا تزامنا مع توافد المتهمين فى خلية حزب الله فى موكب أمنى متمثل فى 3 سيارات ترحيلات بلونها الأزرق المميز يتقدمهم 5 سيارات أمنية و6 دراجات بخارية.
كما حضر فى المكان منذ الصباح الباكر عشرات الصحفيين ووكالات الأنباء والقنوات التليفزيونية لرصد ثانى جلسة من محاكمة المتهمين فى خلية حزب الله لحظة بلحظة، فضلا عن عشرات الأهالى الذين جاءوا من شمال سيناء ورفح لرؤية أبنائها.
فور نزول المتهمين من سيارات الترحيلات تعالت الصرخات والنداءات من الأهالى على أبنائهم، واستمروا فى ترديد "أغثنا يارب"، و"يارب قف جنبنا" لفترة طويلة، وشهدت لحظة رؤية الآباء والأمهات لأبنائهم عددا من حالات الإغماء والبكاء الهيستيرى من الأمهات، كما عبر أطفال المتهمين عن سعادتهم برؤية آبائهم فى دموع غزيرة بعد أن حملهم الآهالى على أعناقهم لتمكينهم من رؤية آبائهم، وهو ما قابله المتهمون بالتكبير مرددين "الله أكبر الله أكبر"، وأشارات أخرى لعلامات النصر.
المتهم ناصر خليل أبو عمرة، فلسطينى الجنسية، استقبله كل من أطفاله نضال 10سنوات، وفداء 6 سنوات، بدموع غزيرة لحظة رؤيتهم له، وظلوا يهتفون باسم والدهم لفترة طويلة بصحبة والده الشيخ خليل، وشقيقه مصطفى، ووالدته الحاجة دمام محمد مسلم، والذين أكدوا لليوم السابع أنهم لم يروا نجلهم منذ الجلسة الماضية حين سمح لهم وكيل النيابة برؤيته.
وأكدت والدة ناصر أن نجلها برىء من جميع الاتهامات الموجهة إليه، وأن الضباط عندما دهموا منزلهم لم يعثروا سوى على أشرطة فيديو خاصة بأفراح أبنائها، والكمبيوتر الذى لا يوجد عليه سوى الألعاب الخاصة بالأطفال فقط، وأشارت إلى أنها تنوى أداء العمرة من أجل الدعاء لنجلها وجميع المتهمين فى القضية.
منذ اللحظة الأولى التى دخل فيها المتهمون قفص الاتهام بدأوا فى ترديد عبارات ينفون بها الانضمام لأية جماعات إرهابية وكذلك ينفون التخطيط لأية عمليات تضر بالأمن القومى الداخلى، فضلا عن أنهم رفعوا علم مصر على أسلاك القفص ليعبروا به على وطنيتهم وحبهم الشديد لمصر.
جلسة اليوم كانت بمثابة نافذة للمتهمين تمكنوا من خلالها توجيه رسالة إلى الرئيس مبارك مفادها أنهم لم ينضموا لأية جماعات إرهابية ولم يخططوا لعمليات تفجيرية، كما تحدث الأهالى بصوت عالٍ عن الانتهاكات التى تعرضوا لها والمآسى التى يعانيها كل منهم وعن التعذيب والصعق بالكهرباء على يد ضابط يدعى "ا . ا" إضافة إلى كم الضغوط النفسية التى وقعت عليهم للإدلاء باعترافات لا وجود لها من الأساس.
اقترب اليوم السابع من قفص الاتهام وتحدث من وراء الأسلاك مع أكبر وأصغر المتهمين فى خلية حزب الله.
قال أكبر المتهمين وهو حسن المناخلى الذى تعدى 55 عاما وكان يعمل سمسار مراكب بمنطقة السويس ، لليوم السابع إنه لم ير أبناءه منذ عام ونصف مضيفا أنه لم يقم بأى جرم، واشار المناخلى إلى أنه شارك فى حرب 67 وقاتل فى حرب أكتوبر 73، فكيف يشارك مع عناصر من خارج البلاد فى التخابر ضد بلاده والقيام بعمليات إرهابية؟!
أما أصغر المتهمين فكان محمد رمضان وهو شاب من مواليد غزة شهر مارس عام 1991 وقال رمضان لليوم السابع إنه خرج من بيته بنية الجهاد فى سبيل الله والانتقام لوالده الذى أصيب من قبل الاسرائيليين وكذلك انتقاما لاثنين من أصدقائه استشهدا فى الغارات الإسرائيلية.
وأكد رمضان أنه يحب الشعب المصرى مثل حبه للشعب الفلسطينى وأنه لم يرد يوما أن يضر أمنها القومى إنما هو دخل مصر بغرض العبور إلى الأراضى الإسرائيلية لتنفيذ عملية استشهادية.
أثناء حديثنا مع محمد رمضان اقتربت من قفص الاتهام سيدة تدعى سحر أمين مبارك خبيرة اجتماعية من الإدارة العامة للدفاع الاجتماعى التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، حيث بدأت فى الحديث مع رمضان وأوضحت له أنها جاء ت خصيصا لتلك الجلسة بناء على طلب من نيابة أمن الدولة العليا وذلك لأن رمضان ما زال "حدثا" وهو ما يدفع لمباشرة القضية معه والوقوف بجانبه وتلبية متطلباته وتقديم المساعدة القانونية له.
وبعيدا عن أكبر وأصغر المتهمين فى القضية كانت هناك أصوات عليا تهز قاعة المحكمة حيث قال أحد المتهمين إنه أصيب بالعجز الجنسى من كثرة التعذيب، فضلا عن متهم آخر ذكر أنه تم سرقة موبايله N 95 نوكيا.
وفى مفاجأة أذهلت الجميع قبل بدء نظر القضية بـ10 دقائق حضرت زوجة المتهم الثانى فى القضية سامى شهاب أو محمد يوسف منصور رئيس فرع مصر بدول حوض الطوق التابعة لحزب الله اللبنانى، زوجة شهاب دخلت قاعة المحكمة وهى فى ذهول شديد من الكاميرات التى تهاتفت لتصويرها ومن الصحفيين الذين التفوا عليها، إلا أن عصام سلطان المحامى اصطحبها لمقدمة القاعة لتجلس فى الصف الثانى على بعد 2 متر من قفص الاتهام الذى يقف خلفه سامى شهاب، الزوجة قالت لليوم السابع إنها زارت زوجها أمس قرابة ساعة ونصف وتحدثت معه فى كل شىء واطمأنت على صحته وأضافت أنها تثق فى براءته وفى نزاهة القضاء المصرى، إلا أن الزوجة ظلت طوال الجلسة تنظر إلى المحامين المدافعين عن المتهمين والذى وصل عددهم إلى 17 محاميا، بداية من الدكتور محمد سليم العوا وسعد حسب الله ومنتصر الزيات وعبد المنعم عبد المقصود وسيد جاد الله وعصام سلطان.
المحامون اقتصر دورهم فى تلك الجلسة على متابعة عملية فض الأحراز التى تولاها المستشار عادل عبد السلام جمعة، حيث فض أحراز كل متهم على حدة واختلفت تلك الأحراز بين أوراق ومستندات وبطاقات شخصية وجوازات سفر.
وبعد انتهاء الجلسة بدأ المحامون فى تبادل العبارات بمستقبل القضية وشكلها القانونى فى الفترة القادمة.
من جانبه قال منتصر الزيات إنها قضية سياسية فى المقام الأول تلعب على الوتر الحساس بين مصر وحزب الله، مضيفا أن القضية فى جوهرها مساعدة للمقاومة الفلسطينية إلا أن النيابة كيفتها كتخابر لصالح مؤسسة خارج البلاد، بينما كان محمد سليم العوا على النقيض منه حيث قال إنه سيعمل فى القضية بشقها الجنائى بعيدا عن أى خط سياسى ومؤكدا أنه قانونى محترف يعرف كيف يتعامل مع التهم المنسوبة إلى المتهمين ومطابقتها بواقع القانون، وعلى نفس المنوال كان المحامى اللبنانى إميل رحمة والذى أكد أن قاعة المحكمة ستكون مجالا للنقاش القانونى تبتعد كل البعد عن أى تنويه سياسى للقضية.
فى ثانى جلسات المحاكمة..
بالصور.. متهمو خلية حزب الله يرفعون علم مصر ويشيرون بعلامات النصر .. وأحد المتهمين يصرخ : أصبحت عاجزًا جنسيا من كثرة التعذيب
السبت، 24 أكتوبر 2009 05:25 م
المحكمة أثناء عملية فض الأحراز
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة