محمد حمدى

العودة إلى التلوث

الجمعة، 23 أكتوبر 2009 12:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لاحظت منذ نحو عامين أنه كلما خرجت من القاهرة عدة أيام وعدت بعدها يداهمنى صداع شديد لم أفهم تفسيره، حتى قال لى صديق طبيب إنه بسبب التلوث الكبير جدا فى العاصمة، فقضاء عدة أيام خارجها يجعل الجسم يتخلص من الملوثات التى تدخل الدم عن طريق الهواء، وحينما تعود إليها مع نسب التلوث المرتفعة تشعر بالصداع.

الغريب أن هذا الصداع الرهيب جدا بدأ يعاودنى بمجرد دخول الحدود الإدارية للعاصمة، وقد كنت ولمدة ثلاثة أيام فى الإسكندرية ولم أشاهد أو أتنفس الكمية اليومية المقررة لكل مواطن من أدخنة السحابة السوداء وغيرها من الملوثات الموجودة فى العاصمة بكثرة.

فنحن نتعايش منذ عشر سنوات مع السحابة السوداء التى حيرت الجميع، وصدرت حولها عشرات الدراسات والتصريحات الحكومية، لكن فيما يبدو أنها أقوى من الحكومة التى تقف أمام سحابة تلوث موقف العاجزين.

ولفت انتباهى تصريح لنائب الإخوان فى البرلمان طارق قطب نقلا عن تقرير للبنك الدولى مفاده أن ما بين عشرة آلاف إلى خمسة وعشرين ألف مصرى يموتون سنويا فى القاهرة وحدها بسبب التلوث، الذى وصل إلى مستويات قياسية تعجز معه الحكومة عن مواجهته.

وأظهر التقرير أن تلوث الهواء فى القاهرة يبعث على القلق الشديد، حيث تم رصد مستويات خطيرة من الرصاص وثانى أكسيد الكربون، وثانى أكسيد الكبريت، وبلغت تركيزات الجسيمات الضارة فى الهواء ثلاثة أضعاف المستويات العالمية نتيجة للانبعاثات من السيارات، ستين فى المائة منها عمرها أكثر من عشر سنوات.

ولفت التقرير الانتباه إلى ظاهرة وجود "السحابة السوداء" التى لا توجد فى سماء القاهرة فحسب، بل تمتد إلى عدد من المحافظات الأخرى، ولكنها تتركز فى القاهرة بما يؤدى إلى أمراض الجهاز التنفسى والتهيج فى العين.

وأكد موقع ميديل إيست أون لاين البريطانى قبل عامين أن القاهرة تعانى أعلى نسب تلوث فى العالم بما يوازى عشرة أضعاف المؤشرات العالمية التى حددتها منظمة الصحة العالمية، مما يجعل القاهرة واحدة من أكثر المدن تلوثاً فى العالم، وتوقع التقرير نقلاً عن الدكتور صلاح حسنين أستاذ العلوم البيئية جامعة القاهرة إصابة خمسمائة ألف من سكان القاهرة بأمراض خطيرة فى الجهاز التنفسى وسرطانات قاتلة فى غضون خمسة وعشرين عاماً.

وذكرت اليوم السابع فى الأول من أكتوبر أن خمسمائة ألف مصرى يصابون بالتسمم سنويا نتيجة تلوث مياه الشرب، وخمسة آلاف شخص يروحون ضحية المياه الملوثة كل عام، فيما تعد محافظة حلوان من أكثر المحافظات تلوثاً فى مصر، حيث تمثل نسبة حالات المرض الناتجة عن التدهور البيئى بها خمسة بالمائة من نسبة السكان المتواجدين بالمحافظة، وهو معدل مرتفع نتيجة تركز الصناعات الملوثة للبيئة بها منذ منتصف الخمسينيات، وهو ما أدى لانتشار الأمراض الصدرية وأمراض القلب بين قاطنيها.

حينما قرأت كل هذه الأرقام الخطيرة حمدت الله على أننى أصاب حتى الآن بالصداع فقط، لكن القادم سيكون أسوأ بلا شك!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة