صاحب رحلة طويلة فى الاجتهاد والتجديد

يوسف القرضاوى.. شيخ المعتدلين!

الخميس، 22 أكتوبر 2009 01:57 م
يوسف القرضاوى.. شيخ المعتدلين! يوسف القرضاوى
هانى صلاح الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشأ فى حضن الريف المصرى بقرية صفت تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، أتم حفظ القرآن الكريم، وأتقن أحكام تجويده، وهو دون العاشرة من عمره، ظهرت ملامح نبوغه فى العلم الشرعى منذ نعومة أظفاره، حيث حرص على تحصيل العلم خلال رحلته الحياتية، أصبح علامة فى التجديد الفقهى المعاصر، إنه العلامة الدكتور يوسف مصطفى القرضاوى.

استطاع القرضاوى أن يحجز له مكانة كبيرة فى قلوب العامة من أبناء الأمة من خلال اعتداله ووسطيته، فبالرغم من تعرضه للسجن والتعذيب الذى وصفة بالمسلخة فى عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، فإنه رفض الأفكار التكفيرية والعنفوية، بل حرص على تطهير فكر الشباب من اعتبار العنف طريقا للتغيير، كما لم يختلف على جهده العلمى اثنان، واعتبره علماء المسلمين المعاصرين زهرة الاجتهاد، فتح آفاق الفقه أمام طلابه، ونجح فى الدخول لدوائر محرمة من مشايخ الظاهرية، ورفع راية المعاصرة والتجديد دون المساس بالأصل والأسس، حاول التقارب بين فصائل الأمة والفرق الإسلامية، سعى بكل قوة للتقريب بين السنة والشيعة، مما جعله ينال حب الجميع.. ويرجع هذا الرصيد من الحب إلى ما يلى:
الاجتهاد العلمى والتأليف أهم ما برز فيه الدكتور القرضاوى، فهو عالم محقق كما وصفه العلامة أبوالحسن الندوى فى كتابه «رسائل الإعلام»، كما أنه فقيه مجدد نظر لقضايا الأمة المعاصرة على مختلف أنواعها وألقى فى كل منها بسهم، كما أن كتبه لها ثقلها وتأثيرها فى العالم الإسلامى، فالناظر فى كتبه وبحوثه ومؤلفاته يستيقن من أنه كاتب مبدع، وأديب فز، وعالم مفكر أصيل لا يكرر نفسه، ولا يقلد غيره، وقد ألف الشيخ يوسف القرضاوى فى مختلف جوانب الثقافة الإسلامية أكثر من 80 مؤلفا، أفادت طلاب العلم فى مختلف دول العالم، وترجم أكثرها إلى اللغات الإسلامية والعالمية، فلا تكاد تذهب إلى بلد إسلامى إلا وجدت كتب القرضاوى هناك إما بالعربية أو باللغة المحلية.

اعتمد القرضاوى فى مؤلفاته على أصول تراثنا العلمى الإسلامى المعتمد على الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، كما حرص على خلط هذا التراث وتوظيفه فى ما يمس حياة المسلمين اليومية المعاصرة، وبذلك جمع بين الأصالة والتجديد، والتوجه الإصلاحى، كما نجح القرضاوى فى التحرر من التقليد والعصبية المذهبية، وأهم ما ميز فقه القرضاوى انه اتسم بالاعتدال بين المتزمتين والمتحللين، وبروز فيه الوسطية الميسرة بغير تفريط ولا إفراط، كما أنه استطاع أن يتصدى للأفكار الهدامة بكل قوة خاصة الشيوعية الإلحادية، والعلمانية الإباحية.

كتاب «الحلال والحرام فى الإسلام» كان من أعظم مؤلفات الرجل فهو علامة فارقة فى الاجتهاد الفقهى المعاصر، وقام القرضاوى بتأليفه بتكليف من مشيخة الأزهر فى عهد الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، وقد انتشر الكتاب انتشاراً منقطع النظير فى العالم العربى والإسلامى، وتقبله كثير من العلماء المشهورين بالوسطية بقبول حسن، وقد وصفه الأستاذ مصطفى الزرقاء قائلا: إن اقتناء هذا الكتاب واجب على كل أسرة مسلمة، كما أنه أصبح منهاجاً فقهياً للجاليات الإسلامية فى الغرب وشعوب المسلمين فى قارة آسيا.

ويعد كتابه «فقه الزكاة» من أبرز الأعمال العلمية فى عصرنا وهو فى جزأين كبيرين، وهو عبارة عن دراسة موسوعية مقارنة لأحكام الزكاة وأسرارها وآثارها فى إصلاح المجتمع، فى ضوء القرآن والسنة. وساعد كثير من المسلمين على تفهم قضية الزكاة فى الإسلام ويعد مرجعا هاما لرجال الاقتصاد.

كما ضمت مكتبة القرضاوى عناوين لامعة، زادت من محبة أبناء الأمة له ومنها كتاب «القدس قضية كل مسلم» الذى وضح فيه دور المسلمين فى قضية فلسطين، والحلول العملية لإنقاذ الأقصى، كما كان كتاب «الحكم الشرعى فى ختان الإناث» كتاباً واضح المعالم عن هذه القضية وإنزالها منزلها الشرعى دون تشدد أو تفريط.

ومن أهم ما رفع رصيد القرضاوى من الحب لدى الناس وقوفه بقوة منذ أوائل السبعينيات، فى وجه التيارات المتشددة والمتطرفة التى استخدمت العنف وسيلة للتغيير، حيث خاض القرضاوى حرباً طويلة ضدها ورفض فرض مبادئها بالقوة على المجتمع، كما أنه وقف بقوة فى وجه «موجة التكفير» التى راجت يوماً فى بعض الأقطار العربية والإسلامية والتى تقوم على تكفير الناس بالجملة، وقد نشر فى هذا رسالته التى سماها «ظاهرة الغلو فى التكفير» والتى طبع منها عشرات الألوف، وترجمت أيضاً إلى عدد من اللغات كما واجه هذا الفكر بكتابه «فقه الجهاد»، كما رتب أجندة الأولويات لدى الدعاة من خلال اجتهاده فى فقه الأولويات.

مواقف القرضاوى الحاسمة من الصهاينة، وتعضيده المستمر لحركات المقاومة، ورفضه لكل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وإقراره للعمليات الاستشهادية، وفتاواه حول المقاطعة الاقتصادية، وتحريمه التعامل مع البضائع الإسرائيلية والأمريكية، رفعت رصيد الرجل لدى الأمة، وقد ازداد رصيد الرجل بعد إعلان بعض الجماعات اليهودية المتطرفة إهدار دمه، ومنع بعض الدول الأوربية وعلى رأسها إنجلترا دخوله لأوطانهم بسبب مواقفه سالفة الذكر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة