هل علم أحد منا معنى "الحرية" بعد؟..ربما (نعم) أو(لا).. فهو واحد من أكثر المصطلحات إثارة للجدل فى عصرنا الحديث، نظرا لاختلاف الرؤية والنظر إليه بحسب اختلاف طبيعة التكوين والنشأة لكل واحد منا، وهو ربما ما ساهم فى تخطى عدد التعريفات له حاجز سقف الـ 6 مليارات تعريف.. بحسب وجهة نظر كل فرد يحيا ويعيش على سقف كوكبنا، لكن الحقيقة أن أغرب التعريفات للمصطلح على الإطلاق هو ما تجده لدينا هنا، بل وفى وطننا العربى بشكل عام، حيث مازال يواجه حالة من الضبابية الشديدة، التى مازالت تحول بيننا وبين وضح الرؤية له سواء أكانت فى المدلول أو كيفية الاستخدام والتعبير عنه.. فهو مازال يعنى لدينا ضرورة الاختيار ما بين طريقين لا ثالث لهما.. إما طريق الحرام أو الحلال؟!!.
فمجرد الإعلان عن كونك شخصا حرا داخل مجتمعنا يعد من وجهة نظر الكثيرين إنه بمثابة إعلان عن الانقلاب على الدين والعادات والتقاليد والأعراف، وإنك ربما أصبحت تمارس طقوسا خارجة عن الإطار العام للمجتمع، ومن ثم فأنت ربما مهرطق أو شاذ؟!!. أما من وجهة نظر البعض فهو يعن الاستباحة..أى أن كل شىء فى الحياة مباح.. أفعل ما أريد وقتما أشاءه وأريده.
بل الأكثر من ذلك هو انطباق "هاتيك" النظرة القاصرة لدينا على أسلوب التربية داخل الأسرة ولنا أن نرى بوضوح مدى اختلاف المفهوم ما بين الذكر والأنثى.. حيث الاستباحة للذكر والتحريم للأنثى.. فهو حر فى كل ما يفعله.. أما هى فليس بيدها من أمرها شىء.. فقط عليها تنفيذ ما تؤمر به، وهذا ما تتبعه الغالبية ويقوم عليه نظام التربية خلف أسوار مجتمعنا.
وبطيعة الحال ينعكس لدينا هذا المفهوم واختلاف النظر إليه فى الممارسة العملية له، حيث ترى أن غالبية مظاهر ما يسمى "حرية" لدى الغالبية هى صورة معكوسة لصورة تقليد ملتقطة عن ثقافة أخرى وعادات وتقاليد مجتمع آخر.. ولا تمت لمعنى الحرية بصلة، حتى لدى هذا الآخر.
هذا الاختلاف والتباين الكبير ما بين النظر إلى الأمور ربما هو ما يعكس نهاية حال مجتمع أصبح التشدد أبرز صوره، حيث أصبح كل ما يتقنه ويجيد فيه غالبية أفراده هو التعميم وإطلاق التصنيفات فى المطلق، ولكم فى الحجاب مثلا حسنا. مجتمع لم تعد لديه القدرة على الاحتواء والفهم والمراجعة والمحاسبة واكتشاف الأخطاء وتعظيم الاستفادة منها.. مجتمع أطلقت فيه الأقلية العنان لأنفسها ليفعلوا ما يرونه هم وحدهم صحيح ومفيد، حتى وإن كانت الغالبية ترى غير ذلك.. حيث انعدام ثقافة الاختلاف وسيادة الرأى الواحد وعدم تقبل الآخر.. مجتمع ساد فيه قانون الغابة حيث البقاء للأقوى وليس الأصلح والأقدر.. ذلك هو حال الحرية ومفهومها لدينا.. فهل علمنا بعد على أى طريق نسير؟!..
