حازم وواثق ومحترم

فاروق العقدة.. رجل اقتصاد أحبه المصريون

الخميس، 22 أكتوبر 2009 01:53 م
فاروق العقدة.. رجل اقتصاد أحبه المصريون فاروق العقدة
محمود جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وضع حداً لخصخصة البنوك، واتهمه البعض بمخالفة سياسات الاقتصاد الحر، لكنه وحده استطاع المرور بسفينة الاقتصاد المصرى إلى بر الأمان، لتكون القاهرة الأقل تأثراً بتوابع الأزمة المالية العالمية.. وخلال العام الماضى، ترددت شائعات بوجود نية لإسناد تشكيل حكومة جديدة تحت رئاسته.

هو محافظ البنك المركزى، فاروق العقدة الذى لم تؤثر فيه 20 عاماً قضاها فى الولايات المتحدة تُوِّج فى نهايتها نائباً لرئيس بنك أوف نيويورك، وأدرك أن ما يصلح فى الاقتصاد الأمريكى، لا يجوز بالضرورة تطبيقه فى مصر.

خطواته أقرب للاشتراكية، ولم يسلم من هجوم حملة المباخر وأصحاب «الفكر الجديد» فى حكومة الحزب الوطنى، وفى الوقت الذى بدأت الأزمة المالية تقرع الأبواب، بادر العقدة فى يونيو 2006 بدمج أربعة بنوك، (الدقهلية، والمصرف الإسلامى الدولى، وبنك النيل، والبنك المصرى المتحد) تحت مسمى المصرف المتحد، وأخضعها لإشراف البنك المركزى، وذلك بعد إفلاس البنوك الأربعة وبعد أن أصبح لديها ديون شبه معدومة عند رجال الأعمال المتعثرين والذين دخل بعضهم السجون، وفر البعض الآخر إلى خارج البلاد، تاركين ديونا للبنوك الأربعة، بلغت خمسة مليارات وسبعمائة مليون جنيه.

واستطاع العقدة خلال عامين تقليص الخسائر من خمسة مليارات وسبعمائة مليون جنيه إلى مليار وأربعمائة مليون جنيه فى الفترة من 2006 - 2008 عن طريق التفاوض المباشر مع المتعثرين ومساعدتهم على تسديد ديونهم، واعتماد آليات جديدة لا تخضع للروتين، حتى وصل الأمر إلى إقراض المتعثرين لتيسير بعض العمليات، فمثلاً كان البنك يقرض العميل المتعثر لكى يكمل ثمن قطعة أرض ليحصل عليها البنك كجزء من الوفاء بالدين، وبالتالى تمكن أكثر من 18 رجل أعمال من الخروج من السجون بعد تسديد مديونياتهم.

هذه التجربة غير المسبوقة، اعتبرها البنك الدولى عام 2006 علامة ضعف فى الاقتصاد المصرى لأنه رآها نوعًا من أنواع التأميم، ثم اعتبرها فى عام 2008 بُعد نظر وحكمة تستحق الإشادة.

بدأ العقدة خطة إصلاح طويلة بالقضاء على الأيام السوداء للدولار محققا استقرار سعر الصرف وإصلاح البنوك المصرية وتقويتها ودعم المؤسسة الرقابية، وهى البنك المركزى لتكون رقابته أكثر فاعلية على البنوك.

ووضع قواعد ائتمان محددة ومصرفية، ونجح فى تكوين احتياطى نقدى حقيقى (35 مليار دولار)، كما نجح فى التعامل مع قضية القروض المتعثرة التى قدرت بنحو 100 مليار جنيه بنسبة 90 % بينها 30 % سداداً نقدياً، بالمثل نجحت خطته فى تغطية عجز المخصصات فى البنوك العامة، وأنقذ بنوكاً مصرية كادت أن تفلس بخطة محكمة، ووضع سقفاً للقروض العقارية فى أى بنك بحيث لا تزيد على 5 % من محفظة البنك.

ولكى ندرك أهمية هذا القرار يجب أن نتذكر أن بذرة الأزمة العالمية بدأت بأزمة سيولة ضخمة دفعت البنوك الأمريكية لزيادة الإقراض العقارى بالمخالفة لقواعد الإقراض.
قبل أن يتولى العقدة منصبه كان فى مصر 29 بنكاً رءوس أموالها أقل من 30 ملياراً الآن ارتفعت رءوس أموالها إلى 70 مليار جنيه.

وتصدى العقدة لحملة تسريح العمالة المصرية من البنوك الأجنبية العاملة فى الأراضى المصرية، بعد الأزمة المالية، محذراً من استخدام صلاحياته فى إصدار قرارات بحل مجالس إدارة البنوك المخالفة، ووضع البنك المخالف فى القوائم السلبية لديه.

كذلك، لا يزال الرجل يحارب لانتزاع أموال المصريين الذين عملوا بالعراق فى منتصف الثمانينيات والمعروفة باسم «الحوالات الصفراء»، حيث رفض مؤخراً عودة بنك الرافدين العراقى للعمل على الأراضى المصرية مرة أخرى قبل أن تسدد بلاده ديونها للعمالة المصرية، والمقدرة بنحو 913 مليون دولار.

ومنح العقدة لقب «المحافظ العربى»، تقديراً لإنجازاته، كما حصل العقدة فى يونيو الماضى على لقب «محامى الشعب»، فى تكريم أقامته حركة «مواطنون ضد الغلاء»، شمله وكلا من نقيب المحامين السابق سامح عاشور، ورئيس حزب الوفد محمود أباظة.. وقالت الحركة إن العقدة تصدى لضغوط الحكومة لبيع البنوك الثلاثة الحكومية (مصر - والأهلى- وبنك القاهرة).
العقدة ليس مجرد رجل اقتصاد عادى، فهو واحد من رجال الأرقام القلائل الذى استطاع أن يحفر اسمه فى عقول الناس وقلوبها، وواحد من رجال البنوك القلائل الذين لم يرتبط اسمه بشبهة فساد أو سرقة، يحترم الناس طلته، ويقدرون تحركاته وقراراته، مثلهم مثل القيادة السياسية فى البلد التى ائتمنت هذا الرجل على قيادة الدفة الاقتصادية ومنحته المسئولية كاملة لأخطر القطاعات الاقتصادية وأكثرها إثارة للمشاكل فى مصر وهو قطاع البنوك، فنجح فى قيادته إلى بر الأمان، وابتعد بالقطاع البنكى عن ساحة الشكوك وفتح له صفحة جديدة مع الجمهور تقوم على الثقة، ويمكنك أن تشعر بذلك إذا حاولت أن تقارن بين وضع البنوك فى مصر من 10 سنوات ووضعها الآن!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة