«مهما حققت المرأة من نجاح وشهرة، عليها ألا تنسى دورها كزوجة وأم وربة بيت فى الأول».. هكذا لخصت الدكتورة عبلة الكحلاوى أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، ما تعتبره الرسالة الأولى والمسئولية الحقيقية التى تضطلع بها المرأة فـ«ماما عبلة» كما يحب البعض أن يناديها، رغم أنها وصلت إلى أعلى المناصب الأكاديمية، تصر دائما على مقابلة من أمامهما بالاتسامة الصافية والموعظة الحسنة. فعلى مدار عمرها الذى تتم 61 عاما منه بعد أيام قلائل، ضربت مثالا حيا على العالمة الفقيهة التى تعرف أن الرحمة خير وسيلة للعلاج.
تحكى السيرة الذاتية للدكتورة عبلة أنها ولدت فى 15 ديسمبر 1948 ووالدها هو الفنان محمد الكحلاوى «مداح الرسول»، لتلتحق عبلة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر تنفيذا لرغبة والدها، وتخصصت فى الشريعة الإسلامية، وتحصل على الماجستير عام 1974 فى الفقه المقارن، ثم على الدكتوراه عام 1978 فى التخصص ذاته، لتتولى فى عام 1979 رئاسة قسم الشريعة فى كلية التربية فى مكة المكرمة، لتبدأ من هناك رسالتها لتوعية بنات جنسها بالكلمة الطيبة.
فأصبحت تعطى دروسا للنساء فى الكعبة المشرفة بعد صلاة المغرب لمدة عامين، انتقلت بعدها إلى مسجد والدها فى مصر بالبساتين، وتتولى منصب عميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر فرع بور سعيد، ليبدأ نجمها فى السطوع كواحدة من قلائل الداعيات، اللاتى اقتحمن مجال الدعوة، دون التطلع إلى الحرب التى شنها بعض منتقدى عمل النساء بالدعوة، لتثبت أن الدين ليس حكرا على أحد، وأن الدعوة ليست مهنة ذكورية، إنما هى رسالة لكل ذى عقل واع.
بخلاف أفكارها التنويرية التى تجذب حولها عددا من المريدين، وباستثناء الحديث عن أنها «زاحمت الرجال فى المنابر الفقهية، فإن المشروع الفكرى لعبلة الكحلاوى، يحتوى على عدد غير هين من العناصر الأخرى، أهمها 8 مؤلفات فقهية تدور حول قضايا المرأة، بداية من الطهارة إلى العمل، والخلع، والتعاملات المالية، والحج والعمرة تعتبر أن الارتقاء بعقل المرأة المسلمة، وتوعيتها بأن الإسلام أتى ليحرر المرأة من عبودية الجهل، ويمكنها من حقوقها التى كفلها تقول «أعتقد أن المرأة فى هذا المجتمع تحتاج إلى موقف آخر وسط بين دعاة الإفراط ودعاة التفريط، لكى تثبت شخصيتها، وتأخذ حقها وحريتها، وفى الوقت نفسه يصون فضيلتها» بل كانت تحذر دائما من المحاولات الغربية لطمس هوية المرأة المسلمة تحت دعاوى التحرر وانهاء التمييز ضدها.
ولم تقف الدكتورة عبلة بالعمل الدعوى فقط، ولكنها اتجهت إلى تفعيل دعوتها لنشر الخير، فأنشأت جمعية خدمية اختارت لها اسم »الباقيات الصالحات «، وتقول عن هذا المسمى» قال تعالى (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)، ونحن نسافر فى وديعة الله فى دنيا لا يدوم فيها سوى المؤقت. ونحن حينها سرعان ما نتلاشى، ولا يبقى منها سوى العمل الخير، لذا كان لزاما علينا أن نعمر الآخرة كما عمرنا الدنيا، وأن نجعل لأنفسنا نصيبا من رزق الله، فالمدخرات الحقيقة لنا هى الباقيات الصالحات على تنوعها.
من هنا جاءت فكرة الجمعية».وتقوم هذه الجمعية بأعمال مثل إنشاء معهد لإعداد الدعاة على أسس علمية، تراعى متطلبات العصر، وأحداث الساعة، ودورات تثقيفية لراغبى الزواج (البيت السعيد)، ودورات مماثلة للتعريف بالفقه (نحو فقة ميسر)، بالإضافة إلى خدمات أخرى عملية لرعاية الأيتام والفقراء، وتشغيل الشباب، وفض المنازعات، تحاول من خلالها الدكتورة عبلة الكحلاوى، إثبات أن الدعوة لا تكون باللسان فقط، إنما تحتاج دوما إلى عمل يدعمها ويوضح آثارها.
بين كل الداعيات من النساء، ستظل عبلة الكحلاوى هى الأكثر قبولا لدى جمهور النساء، سواء فى برامجها على التليفزيون المصرى، أو قناة الرسالة الفضائية، حيث سجلت تلك البرامج أعلى نسبة أسئلة ومداخلات من المشاهدات، لما تتميز به عبلة الكحلاوى من إيثار ووسطية لدى جمهورها.
رغم نشأتها فى بيت يطغى عليه الطابع الفنى حيث بدأ أبوها حياته قارئا للقرآن ثم مطربا شعبيا ثم منشدا دينيا، إلا أنها تمسكت بأن العلم والتفقه والاهتمام بالدعوة هى الرسالة الأسمى لأى مسلم.
استلهمت الكثير من نجاحها من مقولة والدها لها ولإخوتها «عرفت الله بالحب فاعرفوه أنتم بالعلم»، ولم تكتف الدكتورة عبلة الكحلاوى بخدمة الدعوة والعلم فى عملها بجامعة الأزهر فقط بل إنها كانت كثيرة التردد على المساجد الكبرى لإلقاء المحاضرات والدروس حتى أن ياسمين الخيام حرصت على استضافتها فى مسجد والدها «الحصرى» بـ6 أكتوبر، كما أن لها درسا اسبوعيا بالجامع الأزهر.
تبنت فكر المعاملة الطيبة والموعظة الحسنة
عبلة الكحلاوى.. الداعية التى زاحمت الرجال على منابر الفقه
الخميس، 22 أكتوبر 2009 01:49 م
عبلة الكحلاوى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة