هذه الكلمة ظلت ترن فى أذنى كالطائر الطنان.. لم أفهم أو أدرك معناها إلا بعد معاصرتى لمرحلة التى يمر بها والدى الآن.. وهى مرحلة الكبر..
إن القرآن الكريم لم يركز على وصف علاقة مثل تركيزه على حسن معاملة والدينا فى مرحلة كبر السن..
بسم الله الرحمن الرحيم.. وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا َبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا {24 .. الأسراء
إن الإنسان يولد فى كامل ضعفه.. ثم يكتسب قوته.. ثم يعود إلى ضعفه مره أخرى ربما بصورة مختلفة هذه المرة.. مراحل حياتية نمر بها.. تغيرنا وتبدلنا وتشكلنا.. تختلف فيها أراؤنا وتصورنا للحياة وللآخر.. وقد لا يخطر على بالنا مطلقا أننا سوف نصل إلى المرحلة المقبلة فى حياتنا يوما ما.. نعيش لحظتنا فقط..
إن سعيد الحظ هو من وفقه الله لأن يرضى والديه ولا ينهرهما فى مرحلة الكبر.. سعيد الحظ من لا يفوت هذه الفرصة.. ويوفى والديه حقهما من الرعاية والعطف والرحمة..
والسؤال هنا.. هل المجتمع المصرى تسوده ثقافة الرحمة والتعاطف أكثر.. أم تسوده ثقافة النهر والقهر أكثر؟. هل هناك دلائل أو شواهد فى حياتنا يتحقق فيها ما دعا إليه عبد الحليم حافظ فى أغنية.. "خلينى بسمة حنان.. كلمة سلام وأمان.. رحمة وعزيمة وعمل نافع يفيد ما يضر".. أم أن زمن عبد الحليم قد ولى بكل قيمه ومثالياته.. وأصبح مقدرا علينا أن نعيش فى زمن العولمة بقيمه المادية والنفعية.. ونجرى كل يوم سعياً وراء لقمة العيش.. وبدلا من أن نشرب فنجان القهوة أو النسكافيه فى الصباح الباكر.. نصتبح بوابل من القذائف والشتائم بسبب التشابك المرورى فى الشوارع الجنابية.. لا يهم إن كان هناك سيدة.. رجل مسن.. المهم أن نمر دون أن يضايقنا أحد.. المهم نحن وليس الآخر..
أين ذهبت قيم الرحمة والتراحم وتفهم ظروف الآخر.. هل اختفت أم تلاشت مع كل ما نشاهده من صور للعنف والعصبية وأساليب النهر والقهر التى تحدث بصفة متكررة ونشاهدها كثيراً بين الأزواج والزوجات.. بين الآباء والأبناء.. بين المعلمين والطلاب.. بين الرؤساء والمرؤسيين.. بين من يملك ومن لا يملك!!..
بالتأكيد هناك درجة ما من الرحمة والتسامح وتقبل الآخر.. قد تضعف وتبهت فى بعض الأحيان.. وقد تقوى وتنتصر فى أحيان أخرى..
هذه دعوة لإنماء مفهوم الرحمة داخلنا.. وخاصة فى تعاملنا مع آبائنا وأمهاتنا.. فى تعاملنا مع الضعفاء والمساكين.. فى تعاملنا مع من هم أقل منا أو من نعتقد أنهم أقل منا.. فى تعاملنا وتصالحنا مع أنفسنا والآخر..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة