يمتلك الرئيس السورى بشار الأسد كل الأسباب الكافية لتجعله مزهوًا بنفسه. فتقريباً لا يمر أسبوع دون أن تقوم شخصية غربية هامة بزيارة دمشق لرؤيته. ومن بين هؤلاء كان رئيس الوزراء الأسبانى خوسيه لويس ثاباتيرو. والأفضل من ذلك أن نائب وزير الخارجية السورى كان فى واشنطن فى وقت مبكر هذا الشهر بعد أن قام عدد من كبار المسئولين الأمريكيين بزيارة دمشق، وهو ما يعد دليلاً حياً على أن هناك تحسنا فى العلاقات مع إدارة اوباما حتى إذا لم يكن هذا التحسن كبيراً كما يريده الرئيس، على حد تعبير صحيفة الجارديان.
غير أن هناك أمرين يشيران إلى أن الرئيس السورى غير حريص كما يعتقد البعض على التقارب مع الغرب، أو أنه وصل إلى الحدود الخاصة به فى هذا التقارب. فخلال الأسبوع الماضى، اعتقلت السلطات الأمنية هيثم مليح، أحد نشطاء حقوق الإنسان، مما يؤكد على السهولة التى يتم بها إلقاء المعارضين فى السجون. وقد أدانت الخارجية البريطانية هذه الواقعة وعدد من المنظمات الحقوقية الدولية. ووصفت الجارديان، فى التقرير الذى أعده إيان بلاك، اعتقال مليح المفاجئ الذى تم بسبب انتقاده لقانون الطوارئ فى مقابلة صحفية، بأنه جزء من ظاهرة أصبحت مألوفة.
والأمر الثانى أنه بعد سنوات من المفاوضات، طالب السوريين بتأجيل الاتفاق الذى طال انتظاره مع الاتحاد الأوروبى الذى كان من المفترض أن يتم توقيعه فى لوكسمبرج فى 26 أكتوبر. وربما يكون السبب فى ذلك هو محاولة الحصول على شروط أفضل مثل تخفيض الرسوم الجمركية أو حرية الوصول إلى الأسواق الأوربية، الذى سيساعد على زيادة الصادرات السورية. ويظل هذا التأجيل المفاجئ ضربة عاصفة للحالة الجيدة مع دمشق.
وهذا الموضوع تحديدا حساس، نظرا لأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى كان قد تم تجميده عام 2004 بضغط من إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش التى كانت غاضبة من سوريا، بسبب تسهيلها عبور المقاتلين الأجانب عبر الحدود إلى العراق، واستاء الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك من الأسد بسبب عدائه لصديقه القديم رفيق الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى السابق الذى تم اغتياله فى بيروت، وأدى مقتله إلى عزلة سوريا.
ورغم ذلك فإن المسئولين فى دمشق واثقون من أن الأمور تسير كما يريدون، فالعلاقات مع تركيا تتحسن فى ظل الخلافات الأخيرة بين أنقرة وتل أبيب، وكذلك تحسنت العلاقات مع العاهل السعودى الملك عبد الله أيضا. والمحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق فى اغتيال الحريرى لم تصل إلى أى شىء.
الجارديان: سوريا لم تعد راغبة فى التقارب مع الغرب
الخميس، 22 أكتوبر 2009 09:31 م