لدينا بطالة مثل أى دولة من دول العالم سواء أكانت العالم النامى أو ما كان يسمى فى حقبة الحرب الباردة العالم الثالث، والبطالة متفشية فى كل العوالم الثالث والثانى والأول والفرق بين العوالم يكمن فى الفرق بين طريقة تعاملهم مع هذه الظاهرة، فكثير من بلدان العالم الأول يساعدون العاطلين بصرف ما يسمى براتب بطالة حتى يحصل العاطل على عمل مناسب ويدرج كل رئيس جمهورية أو رئيس ولايات متحدة أو أى مرشح للرئاسة فى برنامجه الانتخابى عدد الوظائف التى سيوفرها لو فاز بفترة رئاسية أولى أو ثانية.
فى مصرنا العزيزة بطالة لا ندرى نسبتها لتضارب تصريحات المسئولين عنها ولا توجد تعيينات منذ 1985م، ولكن توجد تعيينات من تحت لتحت: تعيينات بالمسابقات وتعيينات بعقود مؤقتة ثم تتحول إلى عقود ثابتة بعد عدة سنوات، وقد لا تتحول وتعيينات نيابية (منح من عضو مجلس الشعب وهى منحة من أحد الوزراء المعنيين وبتأشيرة بقلم خاص وبلون خاص وإلا كانت تأشيرة مزيكا كما سمعتموها فى مسلسل حدائق الشيطان)، وهى مجانية للأقرباء والأعزاء والمحاسيب من أبناء الدايرة الانتخابية وليست مجانية للى مش أقرباء ولا أعزاء ولا محاسيب، وإذا كانت مجانية لهؤلاء الغلابة فهى بلا شك مزيكا، وهناك أيضاً تعيينات عن طريق أشخاص أو مكاتب بمقابل كبير وغالبيتها عمليات نصب واحتيال.
فى مصرنا العزيزة يعلن عن وظائف فى التربية والتعليم أو الأزهر أو الأوقاف أو غيرها من الوزارات وتكون الشروط غريبة وعجيبة وهى: التقدير فى المؤهل الدراسى أولاً ثم المؤهل الدراسى ثم سنة التخرج ثم السن، وهذا يعنى أنه خريج كلية التربية المتقدم لوظيفة مدرس تاريخ مثلاً فإذا لم يكن حاصلا على تقدير ممتاز أو جيد جداً وحاصلا على تقدير مقبول وهو من خريجى 2001م فلن يعين بعقد مؤقت ويفضل عليه الحاصل على تقدير ممتاز أو جيد جداً من خريجى 2009م لهذا العام، وهذا ما يحدث بالفعل فى جميع الإدارات التعليمية التى يتقدم إليها الخريجون، وهذا يعنى حكم بالبطالة المؤبدة لتقديرات مقبول ولا ندرى ما المادة الدستورية التى تبيح هذه الشروط، ومن المعروف أن الغالبية العظمى من الخريجين يحصلون على تقدير مقبول وقلة قليلة التى تحصل على تقدير ممتاز وجيد جداً وجيد. كما أن هؤلاء الخريجين من فئة مقبول غالبيتهم من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة ولم تمكنهم ظروفهم من دفع تلك المبالغ الكبيرة للدروس الخصوصية التى استشرت فى الجامعات المصرية، ولذلك فاز أهل الدثور بالأجور وبالوظائف، وكذلك الاختبارات الجامعية ليست موحدة على مستوى الجمهورية، وهناك جامعات متشددة فى تقديراتها وهناك جامعات متساهلة فى منح التقديرات العالية لخريجيها، ولذلك لا يصح أن يكون التقدير معيارا للتوظيف، ومن المنطقى أن تلك التقديرات العالية تفيد الموظف فى الدراسات العليا وهو على رأس العمل لكى يحسن من وضعه الوظيفى، وليست معبرة عن مدى مهارته وحنكته فى الوظيفة المرشح لها، وذلك لأن معظم الوظائف ستحتاج لتدريب واكتساب الخبرة، ويستوى فى ذلك من حصل على ممتاز أو جيد جداً أو مقبول وأذكركم بمدرس الإسكندرية الذى قتل الطفل بالشلوت وسجن هو واحد من صاحب التقديرات العالية وعين فى نفس سنة تخرجه وزملائه لا زالوا فى طابور البطالة.
وهذه الشروط غير الدستورية والتى لم تكن موجودة إلى عهد قريب سببت استطالة طابور البطالة دون حركة حتى يسد عين الشمس ومحبطة لآمال للخريجين وتبدأ الأفكار السوداء تعشعش فى رؤوسهم وأقلها خطراً الهجرة الغير شرعية والموت فيما أعالى البحار.
كان لابد للمشرع الذى شرع شروط التعيين أن يرتبها هكذا: المؤهل الدراسى – سنة التخرج – السن – التقدير ويا حبذا لو ألغى التقدير تماماً ونهائياً، ولكن لو نشف دماغه وكبرت معاه وأخذته العزة بالإثم فيمكنه أن يجعل يخلى فى آخر الشروط فيعين خريجى المؤهل المناسب للوظيفة المعلن عنها ويبدأ بعام 2001م، ثم السن ثم التقدير ويبدأ بالتقدير الأعلى ثم الأدنى ثم يبدأ عام 2002 م ثم السن ثم التقدير الأعلى ثم الأدنى وهكذا وبذلك يعين تقدير مقبول لعام 2001م قبل ممتاز لعام 2002م، وينتعش الأمل فى التعيين لكل الخريجين ويتحرك طابور البطالة بطريقة القطار القشاش، ولكن أحسن من القطار المبلط على رصيف محطة الوظائف والركاب كل شوية يركبوا وعبوا الكراسى والرفوف وسطح القطار مثل قطار الصعيد وقطار المناشى زمان وفاكرين أنه حيقوم.
التعيينات فى القطاع الخاص وما أدراك ما القطاع الخاص، فإذا ما توفرت وظيفة بعد استنفاذ القرايب والحبايب ومش ضرورى يكونوا خريجين ويكفى شهادة على وشك التخرج دى كفاية جداً لتعيين المحروس فى الوظيفة اللى يحبها ومن حقه لأنها شركة بابا أو شركة أونكل ولو واحد من الشعب تجرأ وتقدم للوظيفة المعلن عنها فهناك ورقتان مهمتان لابد أن يوقع عليهما:
1- استقالة من الوظيفة التى لم يستلمها يعنى طلاق على ورقة جواز مع الاعتذار لكاتب مسرحية جواز على ورقة طلاق.
2- شيك على بياض وبعض الشركات المحترمة تحدد 200 ألف جنيه وبعض الشركات الأكثر احتراماً 100 الف جنيه، وذلك حتى لا يزن ولا يون ولا يفلفص ولا يبلبص ولا يبكى ولا يحكى ولا يشتكى.
ويشتغل ذى الألف ولو شكله لم يعجب إدارة الشركة فمصيره الباب وما يبصش وراه ولو بص وراه الشيك ذى السكين على رقبته.
القطاع الخاص فى كل دول العالم وخاصة الثانى والأول هو من يتبنى طموحات الأمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وهو من يعول إليه تحقيق الآمال الكبيرة للشعوب بتوفير الموارد والإمكانيات، ولكن قطاعنا الخاص غول شرس وبشع ولو كان الربح الفاحش يحتاج منه أن ينهش أجساد الناس، ويلوك ولحوم أبناء الوطن ما تردد فى أكله وحدّق بدموعهم وعرقهم فهى المخلل والطرشى لفتح الشهية للمزيد من التربح المشروع وغير المشروع.
فما العمل ؟ وأسأل سؤالاً عبيطاً أين وزارة العمل والعمال وأين نقابات العمال وأين هيئة الضرائب العامة؟
ولدى اقتراح موجع لهم وهو لماذا لا نقلد دول العالم الأول ونعمل صندوق للبطالة وتفرض على شركات القطاع الخاص والعام والمؤسسات الخاصة والعامة نسبة من أرباحها الهائلة، والتى تقدر بالمليارات والتى تضيع فى الإعلانات والدعايات والصرف على كليبات المطربين والصرف على أفلام ومسلسلات والمرتبات الخرافية لأعضاء مجالس الإدارات، وأنا أؤكد لكم وأكاد أجزم أنهم حيعينوا العاطلين ولا يدفعوش لصندوق البطالة وأؤكد لكم أنه ستنتهى أيضاً ظاهرة أولاد الشوارع وجربوا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة