بعيداً عن رأيى الخاص -ورأيك الشخصى- فى النقاب. وبعيداً عن التحليلات العبقرية التى –لابد وأنك- قد قرأت العشرات منها، دعنا ننفذ إلى حلى العبقرى لمعضلة النقاب.
لن أتحدث هنا عن الحكم الشرعى، لا لأنه لايهمنى، ولكن لأن الأحكام -فى شأنه- اختلفت، وأنا لست بالإقناع المناسب لكى أعدل لك الحكم الذى أرتأيته –أنت- شرعياً.
كما أنأى -حالياً- عن تناول جانبه الفلسفى الذى يناقش مدى تغير واختلاف أفكار تلك التى تقبل بحجبها عن المجتمع بهذا الشكل .
لنتناول معضلته الاجتماعية وحلها:
المعضلة تتمثل فى شقين: الأول هو إعاقة التواصل الإنسانى الكامل الذى تتطلبه بعض المهن... الثانى هو إمكانية استخدامه فى التخفى.. لا أتحدث هنا عن التنكر... ولكن التخفى الكامل بحيث لا تدرك أصلا جنس من هو تحت هذا الرداء العجيب.
والتنكر –لعمرى- شديد الاختلاف عن التخفى.. فقد أفطن لهوية هذا المجرم الذى تنكر فى هيئة ضابط عن طريق خلجات وجهه وعدم ثقته بنفسه مثلاً... أما أن تفطن لهوية مجرم تخفى بالكامل فهو بالأمر العسير جداً.
الشق الأول هو أزمة مهنية.. أما الشق الثانى فهو أزمة –بالأساس- أمنية .
الشق الأول يتضح –كما قلت- فى بعض المهن، ولعل أبرزها التدريس والطب... من الممكن أن تخبرنى "لتتنازل المنتقبة عن نقابها –فى الفصل مثلاً- بشرط خلو المكان من الرجال" .... ولكن دعنى أؤكد لك أننى لا أتقبل رفد الرجال من هذه الوظائف –فقط- لتستمتع تلك الأخت بتقواها المزعومة.
الحل هنا ألا تتورط المنتقبات فى هذه الوظائف السافرة –والعياذ بالله- وأن يكتفين بالمهن التى لا تتطلب أى تواصل إنسانى كالطباعة على الآلآت الكاتبة والحياكة على الماكينات فى المشاغل اليدوية...إلخ.
أما بالنسبة للشق الثانى فيبرز فى المهن السلبية كالتعلم –لا التعليم- وأيضاً فى الشوارع.
فلا يمكن أن نتقبل دخول كائن مبهم إلى الأماكن الحيوية ومدن الطالبات ولا حتى سيره فى الشوارع دون أى ضمان لهويته فينشر –أو تنشر- الترقب والفزع.
وهذا الشق من الممكن حله بطريقة مالية بحتة... وأيضاً هى فكرة استثمارية، وذلك عن طريق فرض رسوم على المنقبات –يمكن للجمعيات الخيرية أن تساعد غير القادرات منهن- تستغل فى تعيين شرطة نسائية على مداخل المرافق والمصالح الرسمية وبعض الشوارع الحيوية، وأيضاً فى اللجان والكمائن التى تهدف إلى الكشف عن المجرمين.
تقوم تلك الشرطة بالكشف عن هوية المنتقبات فى غرف منعزلة تتحمل تكلفة بنائها المنتقبات أيضاً.
أعلم أن التكلفة المالية على المنتقبة قد تكون مرتفعة –أقدرها مبدئياً بألفى جنيه شهرياً مما يعيد النظر فى مدى عبقرية هذا الاقتراح- ولكنه الحل الوحيد لضمان أمن وسلامة هذا المجتمع.
بهذا نكون قد قضينا على المعضلة الاجتماعية –المهمة من وجهة النظر الليبرالية- لتتبقى المعضلات الشرعية والفلسفية والتى لا تعنينى إلى هذا الحد.
د. محمد يوسف يكتب.. تنقبت نقاباً.. فهى منتقبة
الأربعاء، 21 أكتوبر 2009 02:50 م