علاء عياد يكتب: "لُعبة السِّت" وتقرير جولدستون!!

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009 11:06 ص
علاء عياد يكتب: "لُعبة السِّت" وتقرير جولدستون!!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتَرَفَ أم لم يَعْتَرِف؟!!، ظللت حائرًا، وبقى أنْ أبحث عن وردةٍ حتى أنزع وُريقاتها الورقةَ تلو الأخرى، حتى أستقرَّ على أمرٍ، فظاهر كلامه تبريرٌ يقع فى إطار التَّنصُّل والالتفاف على الجريمة التى تمَّت بخصوص "تقرير جولدستون"، وما يُسْتَنْتَجُ من كلامه بتشكيل لجنة تحقيقٍ فى "مُلابسات" سحب التَّقرير، أنَّ الَّلجنة دورها تفهُّم ما حدث باعتبار أنَّ الأمر واضح، وأنَّه- كما أَعْلَنَ- "أنَّ قرار التَّأجيل جاء بناءً على "توافقً" كاملً للمجموعات العربيَّة والإسلاميَّة فى مجلس حقوق الإنسان، وبعد "دراسة الموقف من جميع جوانبه".

الشَّىء الغريب أنْ ننتظر منه اعتذارًا- إنْ اعترف صراحةً- لكونه الشَّخص الوحيد المسئول عن سحب تقرير جولدستون؛ لأنَّ الاعتذار فى حدِّ ذاته من أخلاق الرِّجال، وحتى وإنْ اعترف، فالأمر سيكون مجرد سيناريو تراجيدى مثلما فعل الرَّئيس جمال عبد النَّاصر بعد نكسة يونيو 1967م.

وتبريرات محمود عباس (أبو مازن) التى صاغها فى كلامه فى أكثر من موضعٍ، ليست سوى تهرُّبٍ من المسئوليَّة، ففى الوقت الذى قال فيه إنَّ سحب تقرير جولدستون تمَّ "فى ظلِّ تقديراتٍ ومُعطياتٍ حول عدم توفير التَّأييد المُتوقَّع والَّلازم لإنجاح مشروع القرار"، نجده يقول فى نفس المؤتمر الصَّحفى الذى قال فيه هذا الكلام: "أعطيتُ تعليماتى لسفيرنا لعقد اجتماعٍ استثنائى فى مجلس حقوق الإنسان للتَصويت على المشروع، وصولاً إلى معاقبة كل من ارتكب أبشع الجرائم ضد الأطفال والنِّساء فى غزَّة".

والسُّؤال: هل التَّقديرات والمُعطيات التى كانت السَّبب فى سحب تقرير جولدستون تغيَّرت الآن- بقدرة قادرٍ- بعد أقلِّ من عشرة أيامٍ؟!!.

إنَّ نتيجة التَّقرير يتحمَّلُها عباس، كما أنَّه يتحمَّل سحب تقرير جولدستون، وبما أنَّ التَّقديرات والمُعطيات كانت تبريراته فى سحب التقرير، فإن إيعازه الآن لسفيره بجنيف لطلب عقد اجتماعٍ استثنائى، يُبرهِن على أنَّ التَّقديرات تغيَّرت والمُعطيات تبدَّلَتْ.

وما نطلبه من عباس الآن أنْ يكشف لنا عن "سرِّ الخلطة" التى استطاع أنْ يُغيِّر بها التَّقديرات والمُعطيات، حتى تستفيد الدِّول العربيَّة وخاصَّة مصر - بعد أنْ مُنِيَتْ بنكسةٍ فى المُنافسة على منصب المدير العام لليونسكو - من "فَهْلَوَتِه" السِّياسيَّة.

ولا يمكن أنْ يقبل أحدٌ بأنْ يخرج أبو مازن فى مؤتمرٍ صحفى آخر حتى يقول إنَّ "الُّلوبى الصُّهيونيَّ" والدَّور الأمريكى والأوروبيِّ" كانت وراء عدم تمرير القرار، كما قيل إنَّها السَّبب فى عدم فوز الوزير فاروق حسنى بمقعد اليونسكو.

إنَّ المُقدِّمات دائمًا تُؤدِّى إلى النَّتائج، وهذه قاعدةٌ مُستَقِرَّةٌ منذ خلق الله الأرض، والغريب ألا نتفهَّم النَّتائج على هذا الأساس، فما حدث من سحبٍ لتقرير جولدستون، ما هو إلا موقفٌ طبيعى من شخصٍ باع قضية وطنه وشعبه من زمنٍ بعيدٍ.. باعها عندما ارتضى أنْ يقف أثناء خطابه فى العقبة وظهوره مع شارون فى القدس الغربيَّة تحت العلم الإسرائيلى، من دون وجود علمٍ فلسطينى خلال فترة رئاسته للوزراء، والتى استمرت أربع شهورٍ فقط من نهاية إبريل وحتى سبتمبر 2003م.

وباعها عندما كشفت (رويترز) فى شهر أبريل الماضى عن أنَّ من بين أنشطة الأعمال لشركات يرأسها أبناء محمود عباس، عقودٌ تُموِّلُها الحكومة الأمريكيَّة لتحسين صورة أمريكا، وكشفت السِّجلات أنَّ العقدَ الرَّئيسى للمعونة الأمريكيَّة مع شركة "سكاى" للإعلان التى يرأسها طارق عباس- نجل أبو مازن- بدأ تنفيذه فى الخامس من مايو 2006م، بعد فوز حماس فى الانتخابات البرلمانيَّة الفلسطينيَّة فى يناير.

وينص العقد على أنَّ "الهدف من هذا النَّشاط هو زيادة وعى الفلسطينيِّين بإسهامات الشَّعب الأمريكى فى تحسين أحوالهم. ويتولَّى المُتعاقِد وضع وتنفيذ إستراتيجيَّةٍ تستهدف- بفاعليَّةٍ- جمهور المعونة الأمريكيَّة فى الضِّفَّة الغربيَّة وغزَّة، وتضمن الوصول إليه".

لقد بات أبو مازن يٌشبه إلى حدٍّ كبيرٍ شخصيَّة "لِعبة" فى قصة "لُعبة السِّت"، لبديع خيرى ونجيب الريحانى، التى هربت يوم زفافها لتلجأ الى خالتها أم دعبس، لتفاجأ بوجود شخصٍ آخر فقير، بدلاً من خالتها، وهو شخصيَّةٌ خلدها المسرح العربى باسم "حسن عاشور أبو طبق"، الذى يُقرِّر الزَّواج من "لِعبة"، وطلب يدها من والدها "إبراهيم نفخو" وأُمَّها "سنيَّة جُنَح"، وتتغيَّر الأحوال؛ إذ تعمل "لِعبة" فى السِّينما، وتتمرَّد على العَيْش مع أبو طبق، وطلب الطَّلاق منه لعدم التَّكافُؤ.

ولكن الأحوال تتبدَّل؛ حيث تتوقَّف "لِعبة" عن التَّمثيل لظروف الحرب العالميَّة الثَّانية، ودخول روميل العلمين، وهروب المنتجين، بينما يتنازل "إيزاك عنبر" عن المحل الذى يملكه لـ"حسن أبو طبق" الذى يعمل عنده، للفرار من ويلات الحرب، وتعود "لِعبة" لطلب السَّماح!!

هل من المُمكن أنْ نرى هذا المشهد ليكون بطله عباس، الذى طلب السَّماح على ما حدث؟!، أم أنَّ المقدمات لا تنمَّ عن ذلك؟!

اتَّذكر مشهد "لِعبة" فى مسرحيَّة محمد صبحى وسيمون، عندما أراد "أبو طبق" أنْ يكسرَ أنفها، فقال لها بعد أنْ طلَّقها أنَّه سيتزوج "سكينة فرنسا" بائعة الفجل، وعندما حاولت أنْ تخدعه "لِعبة" بشرب السُّم، وأنَّها قد ماتت، كان اعتراف "أبو طبق" أنَّ كلامَه عن "سكينة فرنسا" كان مُجرَّد أكذوبةٍ، وقال لها "لا سكينة فرنسا ولا نعيمة ألمانيا ولا نفيسة بلجيكا ولا عصبة الأمم تبعدنى عنك".

هل يمكن أن يثوب لعبة – عباس- إلى عقله ويعرف أنَّ:
طول ما المحتل ما بيحكم بالكرباج، راح تعمل إيه بالمال؟!..
الله على كلمة تقولها لو هتقولها بحُرِّيَّة..
الله على لحظة حُبٍّ لو تسمعها بحرِّيَّة..
الله على طعم القرش لو هتجيبه بحرِّيَّة..
الله على نقطة مية لو تشربها بحرِّيَّة..
وإذا عشت لوحدك حُر، والنَّاس مش معاك..
ملهاش معنى الحُرِّيَّة..
وما دامت الدُّنيا دى فانية..
يبقى وداعًا للدُّنيا لو عشنا من غير حُرِّيَّة..





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة