المهندس توفيق ميخائيل يكتب: النحلة والإبداع

تجوب النحلة البيئة المحبطة بها تمتص الرحيق من مختلف الزهور، وإلى جانب إنتاج العسل تنقل النحلة حبوب اللقاح. يتنوع العسل وبتميز نوع عن الآخر حسب الرحيق الذى تأتى به النحلة. عسل النوارة والموالح وأغلى الأنواع العسل البرى أو الجبلى، وكلنا يعرف فوائد العسل – طبعا العسل النقى الخالص. مملكة النحل يحكمها نظام محكم يعرف كل عضو فيها دوره الذى يؤديه بكل همه ونشاط. توجد لغة متبادلة بين النحل مثلاً عندما تخرج الشغالة لاستكشاف المنطقة لمعرفة أنسب الأماكن المتاحة فإنها تعود لتخبر الأخريات، إذا قامت بحركة على شكل دائرة كان المكان أقرب من ثلاثمائة متر، أما إذا كان أبعد تكون حركتها على شكل 8 ) ) أى ثمانية باللغة الإنجليزية.

هكذا ينبغى أن يكون الإبداع بكل أشكاله فى الأدب أو الفن. على المبدع أن ينهل أولا من فروع المعرفة التى تناسب ميوله وإمكانياته لأن فاقد الشىء لا يعطيه.

حتى يكون للإبداع دوره وتأثيره وحلاوته، على كل فرد فى المجتمع الإنسانى أن يعرف دوره ويؤديه بكل أمانة. ما يفسد عملية الإبداع فى مصر هذه الأيام هو خلط الأوراق، وتداخل الأدوار، فنرى إعلاميين لا ندرى من أى باب دخلوا هذا المجال وصحفين جذبتهم أضواء القنوات الفضائية والأرضية وتركوا القلم، أو أصبح القلم فى يدهم سد خانة فى أحسن الظنون. ونرى ونسمع إنتاجاً لا يرقى إلى مرتبة الإبداع ولا يحمل سمات الإبداع الأصيل الذى يبقى فى الذاكرة ينشر القيم فى المجتمع، وللأسف أن تكون هذه هى البضاعة الرائجة والتى يتقاضى فاعلوها أكبر الأرقام.

البعض يفرغ ويلق ما فى باطنه مقروءاً أو مسموعا أو مرئيا، وليس كل ما تقذف به البطن عسلا. تريد عسلا نقيا مقيدا ومسئولية ذلك تقع بالدرجة الأولى على منظومة المجتمع ككل وليس على فرد أو مجموعة.