محمد حمدى

النقاب.. والدولة الدينية

الأحد، 18 أكتوبر 2009 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ نحو ثلاثة أسابيع ونحن نعيش على وقع الجدل اليومى حول النقاب، وأدلى كل بدلوه فى هذا الموضوع، فتجاوز النقاب حدود القضية الدينية إلى موضوع رأى عام انقسم المجتمع حوله شأنه شأن رجال الدين فى شرعية النقاب.

ولا أستطيع الإدلاء بدلوى فى هذا الموضوع كما فعل الكثير من الزملاء الصحفيين والكتاب، لأن ثقافتى الدينية لا تجعلنى قادراً على الفتوى فى أمور يراها البعض أصلاً من أصول الدين، ويراها الآخرون ومن وجهة نظر الدين بدعة أو حتى عادة.

وما يهمنى من هذا الجدل المحتدم أنه نموذج لما يمكن أن يحدث فى الدولة الدينية القائمة على الفتوى، وليس على القانون، فماذا كنا سنفعل إذا كانت مصر دولة دينية واختلف فيها الفقهاء وانقسموا إلى فريقين، وتجاوزوا جميعاً حدود الخلاف إلى تبادل الاتهامات العلنية وتكفير البعض.. وهو أمر يدعونا للتساؤل الجاد ماذا يفعل الناس إذا اختلف الفقهاء؟

الفرق بين دولة القانون ودولة الفتوى، أن دولة القانون تحكمها نصوص ثابتة وقاطعة، بينما دولة الفتوى خاضعة للاجتهاد والاختلاف، وبالتالى تضيع الحقوق حينما يختلف الفقهاء وتتعدد الفتوى، وينقسم الناس بين هذا الفقيه وذاك.

وخلال هذا الجدل المحتدم قدم رجال الدين نموذجاً واضحاً على الشطط فى الرأى.. وتبادلوا جميعاً الاتهامات، ووصلت إلى حد أن ساوت جماعة الإخوان المسلمين التى تسعى لإقامة دولة دينية إلى المساواة بين منع النقاب فى الجامعات وما تتعرض له القدس من خطة لتهويدها وتدمير المقدسات الإسلامية.. وهو أمر ليس فقط به الكثير من المبالغة وإنما يقدم نموذجاً على كيفية استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية لا أكثر ولا أقل.

لقد كتبت أكثر من مرة فى اليوم السابع دفاعاً عن الدولة المدنية التى نريدها، وقلت مراراً وتكراراً إنها لا تعنى الانتقاص من الدين فى شىء، لكنها تعنى دولة الحقوق والواجبات التى تساوى بين مواطنيها، ولا تميز بينهم على أساس الدين أو الجنس أو أى شىء آخر.

دولة تقوم على القانون الذى يساوى بين الجميع.. تحافظ على الحقوق، وتؤكد على الواجبات، لكنها لا تلغى الدين من الحياة العامة للمصريين المتدينيين بطبيعتهم، وإنما تضع الدين فى مكانة سامية ولا تدخله فى كل شئون الحياة العامة بحيث يتحول إلى مادة جدلية تفقده قداسته.

وكشفت أزمة النقاب مجددا الحاجة الماسة إلى هذه الدولة المدنية المستقرة التى يحكمها القانون، لأنه بدون حكم القانون سنظل ندور بين الفقهاء الذين لم يستطيعوا الاتفاق على فتوى واحدة فيما بينهم، لم يكن اختلافهم رحمة بأى حال من الأحوال، وإنما أدى إلى احتقان وانقسام بين الناس نحن فى غنى عنه إذا كنا نفكر جدياً فى الارتقاء بالوطن الذى نعيش عليه وإنصاف المواطنين الذين يعانون من غياب حكم القانون.. واختلاف رجال الدين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة