إسلام أحمد يكتب: الحرب على النقاب ماذا وراءها؟

الأحد، 18 أكتوبر 2009 01:12 م
إسلام أحمد يكتب: الحرب على النقاب ماذا وراءها؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل من قبيل الصدفة أن يتزامن منع ومحاربة النقاب والحجاب فى بلدان أوروبا مثل الدنمارك وفرنسا فى الوقت نفسه الذى يتم منعه فى مصر بقرار من وزير التعليم العالى وشيخ الأزهر بعد الضجة التى حدثت فى الآونة الأخيرة على خلفية نزعه لنقاب فتاة فى الصف الثانى الإعدادى؟

والقضية فى تقديرى لها عدة أبعاد؛ البعد الأول: دينى فقهى يتعلق بمدى شرعية النقاب، وهل هو من الدين أم ليس من أصل الدين كما يدعى شيخ الأزهر؟
وسأترك فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر يرد على هذا نعم عزيزى القارئ لا تندهش فما سمعته صحيحا ليس غلطة مطبعية أو تخريف فقد رأيت أن أفضل من يحسم هذا الجدال الدائر حول شرعية النقاب هو الدكتور الشيخ محمد سيد طنطاوى وله تفسير ميسر للقرآن ولحسن الحظ أنه يدرَّس فى المعاهد الأزهرية يسمى بـالتفسير الوسيط، ومما جاء فيه فى تفسير قوله تعالى: " وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْها" [سورة النور: 31] ما يلى:
وقال ابن عطية: "ويظهر لى بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدى وأن تجتهد فى الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر، بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، (ما ظهر) على هذا الوجه مما تؤدى إليه الضرورة فى النساء فهو المعفو عنه".

قلت- أى القرطبى-: "وهذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما، عادة وعبادة، صح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما".

يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة، أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا» وأشار إلى وجهه وكفيه.

وقال بعض علمائنا: "إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك".

هذا، وفى هذه المسألة كلام كثير للعلماء فأرجع إليه إن شئت" انتهى كلام الدكتور طنطاوى.


وقال الدكتور طنطاوى فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِى قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].

"وقوله: {يُدْنِينَ} من الإِدناء بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى. وهو جواب الأمر، كما فى قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِى الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} [سورة إبراهيم: 31] والجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.

والمعنى: يأيها النبى قل لأزواجك اللائى فى عصمتك، وقل لبناتك اللائى هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما، من رؤوسهن إلى أقدامهن، زيادة فى التستر والاحتشام، وبعدا عن مكان التهمة والريبة." انتهى كلام الدكتور طنطاوى.

ثم بعد ذلك يقول إن النقاب عادة وليس عبادة وإنه ليس من الدين فى شىء. بالله عليكم كيف نصف موقف كهذا؟ وكيف نحترم شيخ الأزهر ونثق فيه ونأخذ منه العلم بعد ذلك؟

ولعلك عزيزى القارىء الآن قد أصابتك الدهشة مثلى وحدث لك بلبلة فكرية وحتى أخلصك من هذه الحالة أنتقل إلى البعد الثانى للقضية وهو البعد السياسى فبكل أسف تم تسييس مؤسسة الأزهر (أعرق مؤسسة دينية فى العالم) وتم تطويعها لخدمة مصالح وسياسات الدولة على حساب الدين.

ومن يجلس على قمة مؤسسة الأزهر موظف لدى الحكومة مثله مثل أى وزير أو مسئول حكومى فالدكتور محمد سيد طنطاوى قبل أن يتولى مشيخة الأزهر شخص وبعد أن تولى منصبه تحول شاء أم أبى إلى شخص آخر.

قبل أن يتولى منصبه له كامل الحرية والاستقلال فى إبداء الرأى والإفتاء كما يتبين له بالدليل عن قناعة حقيقية، أما بعد أن تولى منصبه فالموضوع اختلف تماما.

وإذا تتبعنا الفتاوى التى تخرج من الأزهر ودار الإفتاء المصرية سنجدها كلها موجهة وتصدر بأمر مباشر من النظام الحاكم مثل فتوى منع وتحريم الختان وفتوى تحديد النسل وتنظيم الأسرة والفتوى التى صدرت إبان عصر الرئيس السادات بجواز عقد صلح مع إسرائيل والقائمة تطول.

من منطلق ما سبق يتبين لنا الإجابة على السؤال الذى طرحته فى البداية عن سر تزامن منع ومحاربة النقاب فى مصر فى الوقت نفسه الذى يتم منعه فى بلدان أوروبا.

البعد الثالث للقضية بعد تربوى فمن خلال موقعى فى العملية التعليمية كمدرس لمادة اللغة العربية قبل أن أكون كاتبا أرى أن ما قام به شيخ الأزهر أمر يتنافى كلية مع أهم قواعد وأساليب التربية والتعليم ولا يليق بمدرس صغير فضلا عن رئيس أكبر مؤسسة دينية فى العالم لأنه بما فعله قد أصابها نفسيا وقام بجرح مشاعرها أمام زميلاتها وأتساءل ما ذنب هذه الطفلة البريئة أن خلقها الله على قدر بسيط من الجمال؟ وهل تستحق كل هذا الإيذاء لا لشىء إلا لاتباعها شرع الله كما تعلمت من تفسير الدكتور طنطاوى؟

وكان الأجدر بشيخ الأزهر أن يتخلق بأخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وأن يوجه تلميذته باللين وأن يدعوها بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمر الله هذا على افتراض أنها ارتكبت إثما أو جرما.

وانتظرت بعد ما حدث أن أسمع اعتذارا من شيخ الأزهر ولكن لكل أسف خاب ظنى كما خاب سابقا حينما لم يعتذر عن مصافحة شيمون بيريز.

ومما يزيد من الشكوك أن يتزامن منع ومحاربة النقاب فى أوروبا وفى الجامعات والمعاهد الأزهرية بمصر فى الوقت نفسه الذى يشن فيه العلمانيون المصريون حملة شرسة على الحجاب والنقاب فى الصحف ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت.

ما أراه حملة منظمة تثير فى النفس الشكوك والريب وتضع الكثير من علامات الاستفهام وتفتح المجال للتساؤلات عن سر هذه الحملة؟
ومن وراءها؟ ومن الذى يمولها؟ ولمصلحة من؟ ولماذا فى هذا التوقيت بالذات؟ وللحديث بقية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة