محمد حمدى

قبل اختفاء السودان

السبت، 17 أكتوبر 2009 11:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بيننا وبين السودان بخريطته الحالية أقل من عامين، ففى العام بعد القادم يجرى استقتاء فى جنوب السودان ليختار أهله إما البقاء ضمن الدولة السودانية، أو الانفصال عنها وميلاد دولة جديدة.. وهو الأرجح بعد الاتفاق بين المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان شريك الحك، على أن يكون الانفصال إذا اختار نصف المصوتين الجنوبيين زائد صوت واحد الانفصال.

اعتدت زيارة السودان منذ نحو 15 عاما حينما كانت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب مشتعلة، وفى كل مرة كان جميع المسئوليين السودانيين يتحدثون عن الوحدة فى بلد واحد قائم على المواطنة المتساوية فى الحقوق والواجبات، لكن عقب كل لقاء مع المسئولين فى الخرطوم أو المحاربين فى الأحراش كنت أخرج باستنتاج واحد، وهو أن هذه الحرب ستنتهى بدولة فى جنوب السودان.

وحين توصل المتصارعون لاتفاق سلام عام فى نيفاشا وقبلها لاتفاق إعلان المبادئ فى مدينة ماشاكوس الكينية، يقضى بإجراء استفتاء تقرير مصير الجنوب بعد ست سنوات، كان جميع المسئولين فى الشمال والجنوب يتحدثون أيضا عن أن الوحدة ممكنة إذا تم جعلها خيارا جذابا للسودانيين فى الجنوب، لكن الفترة الانتقالية توشك على الانتهاء دون أن تكون الوحدة جاذبة أو مغرية لأهل الجنوب لاختيارها.

ووصلنا إلى نهاية الطريق بحيث أصبح ميلاد دولة جديدة فى جنوب السودان مسألة وقت، لأن خيار الوحدة لا يمكن أن يكون جاذبا لأحد بعد أكثر من مائة عام من التمييز الذى مارسه أهلنا فى الشمال ضد الجنوب، ومن سياسات أجنبية استهدفت عزل الجنوب المسيحى عن الشمال المسلم، وساعد فى ذلك الجبهة القومية الإسلامية التى انقلبت على الحكم الديمقراطى فى السودان وحولته إلى دولة دينية أعلنت الجهاد فى الجنوب بحيث اكتسبت الحرب بعدا دينيا لا يزال يلقى بأثاره السلبية على مواطنى جنوب السودان حتى الآن.

وإذا كان السودان فى طريقه إلى التمزق فإن هذه ليست مشكلة السودان وحده لكنها مشكلة مصرية أيضا، فظهور هذه الدولة يعنى انضمام دولة جديدة إلى دول حوض النيل، مما يعنى المزيد من الدول ومن المفاوضات حول توزيع المياه ومن التدخلات الأجنبية خاصة الإسرائيلية التى تنشط فى هذا المجال الحيوى للأمن القومى المصرى لإشغال مصر بمعركة حول المياه تبعدها كثيرا عن قضية الشرق الأوسط المعقدة.

انفصال جنوب السودان المتوقع ليس قضية سودانية فقط، وإنما مصرية أيضا، ومن هنا حتى يجرى استفتاء تقير المصير فى الجنوب على الدولة المصرية الانتباه لهذه الحقائق الجديدة على الأرض، وعلى رأسها أن هناك حكومة فى جنوب السودان الآن يرأسها الفريق سيلفا كير النائب الأول للرئيس السودانى، وعلى مصر إقامة علاقات أكثر من مميزة مع هذه الحكومة، لأنها وبعد أقل من عامين لن تصبح فقط حكومة إقليم داخل السودان وإنما حكومة دولة ستطالب بنصيبها من مياه النيل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة