محمد حمدى

حكومة محترفة لأجل النبى!

الجمعة، 16 أكتوبر 2009 11:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما أراد رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، اختيار مستشاره للشئون الخارجية أحمد داوود أوغلو وزيراً للخارجية طلب من البرلمان التركى الموافقة على هذا الترشيح، لأنه جرى العرف فى تركيا على عدم توزير أى شخص لم يمارس العمل العام، ولم يسبق انتخابه ممثلاً عن الشعب فى البرلمان.

ورغم أن أوغلو هو مهندس السياسة الخارجية التركية فى عهد حزب العدالة والتنمية، وشارك فى الكثير من المباحثات والموضوعات الحساسة الخاصة بالأمن القومى التركى، لكن أردوغان لم يجرؤ على اختياره وزيراً دون موافقة برلمانية حتى لا يخرق المعروف والمعلوم بالضرورة فى النظام السياسى لبلاده.

وجرى الوضع فى كل أنحاء العالم على تشكيل الحكومات من محترفى السياسة وليس من كبار الموظفين أو المتخصصين فى مجالاتهم، لأن الأصل فى المنصب الوزارى أنه سياسى، أما التخطيط فهو اختصاص إما كبار العاملين فى الوزارة، أو اللجان المتخصصة فى الأحزاب الحاكمة، أو مراكز البحوث التى تعمل على صياغة الخطط والاسترتيجات وتعمل كبيوت تفكير مستقلة لمساندة صناع القرار.

مصر كما دول العالم كانت تعمل وفق هذا السياق حتى قامت ثورة يوليو 1952، ولأن ضباط الثورة لم يكن لهم خبرة بالحياة العامة، وكانوا صغار السن، فقد استعانت الثورة ببعض الأكاديميين مع العسكريين لتشكيل الحكومات.. وظلت نسبة الأكاديميين تزيد أو تقل لصالح العسكريين حتى انتهينا فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى حكومات شبه كاملة من الأكاديميين أو ما يطلق عيله حكومة التنكنوقراط.

وما كان وضعاً استثنائياً تحول إلى حالة دائمة، كما هو الحال مع قانون الطوارئ الذى تم تطبيقه بعد مقتل الرئيس الراحل أنور السادات فى ظل غياب رؤية واضحة حول الوضع الأمنى والسياسى فى البلد فتوطنت الطوارئ الطارئة وأصبحت حالة دائمة ومستقرة.

مشكلة الوزير الأكاديمى أو الموظف أنه غالباً ما يأتى "بدماغه"، يعنى يريد أن ينفذ سياسة خاصة به، أحياناً تتعرض وتتقاطع مع السياسة العامة للدولة، وفى الغالب الأعم لا يبدأ أى وزير جديد من حيث انتهى الآخر.. وإنما "يديها من دماغه".

ولأن الوزراء فى مصر يحملون لقب وزير على كبر، فهم لا يعرفون معنى هذا اللقب، لذلك تجد كل وزير يحرص على إضافة لقب آخر إلى كلمة الوزير مثل الوزير المهندس والوزير المحاسب والكيميائى والدكتور واللواء والفنان، ومن ليس له لقب علمى أو وظيفى سابق تجد من حوله يضيفون إلى قائمة ألقابه كلمة السيد.

ويبدأ السادة الوزراء فى الانشغال بالألقاب والمسميات، وتعلم السياسة من أول السطر، لدرجة أن بعضهم ينهى عمله الوزارى ويحمل لقب وزير السابق دون أن يكون قد تعلم السياسة من الأصل.. أما الحكومات السياسية التى "اتعجن" وزراؤها فى العمل العام فستظل أملاً وحلماً يكاد يكون مستحيلاً فى المستقبل المنظور.. ولا يبقى إلا أن ندعو الله: عايزين حكومة سياسية ومحترفة لأجل النبى!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة