أجرت صحيفة "لوفيجارو" اليوم حوارا مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز عرض فيه أفكاره حول تقرير جولدستون، الذى يرى أنه قد أخطأ فى قبوله الإشراف على هذا التحقيق، وكذلك تحدث عن وجود فرص للسلام مع الفلسطينيين الذين أخطأوا فى ظنهم أن الولايات المتحدة قد تخلت عن مساندة إسرائيل، وساق مثال السلام مع مصر والأردن، الذى على الرغم من أنه ليس مثاليا، لكنه على الأقل جنب الطرفين المزيد من الموتى. كما أشار فى حواره إلى أن الشكوك حول وجود قوة لتوجيه ضربة نووية إسرائيلية ضد إيران تمثل فى حد ذاتها إحدى وسائل الردع.
فى سؤال حول اعتقاده ما إذا كان يتوجب على إسرائيل أن تتعاون فى التحقيق الذى أجراه جولدستون حول الحرب فى غزة فى يناير الماضى، يرى شيمون بيريز أن قانون الحرب يقوم على أساس الصراعات التقليدية، ولكن فيما يتعلق بالإرهاب ليس هناك قانون. فالإرهاب هو تحد للقانون. ومن ثم فما هى إذن القواعد التى ينبغى أن يراعيها أى بلد يحترم القانون فى محاربة مجموعة إرهابية تعيش خارج نطاق القانون؟ فهل يمكن مثلا مساواة ضابط شرطة بقاتل؟
ويضيف بيريز أنه إذا كانت الأمم المتحدة تأخذ هذه القضية على محمل الجد، لكانت قد أعدت قانون لهذا النوع من الحروب، بدلا من التركيز على إسرائيل. ومن ثم فهو لا يعتقد أن إسرائيل يجب أن تتلقى دروسا فى حقوق الإنسان من ليبيا أو باكستان. وأكد قائلا : "نحن لم نبدأ الحرب فى غزة. إذا كان الإرهابيون لا يحترمون حياة الأطفال والمدنيين، الفلسطينيين منهم والإسرائيليين، وإذا كانوا لا يحترمون المساجد وسيارات الإسعاف، فماذا يمكن للقانون إذن أن يفعل؟".
وحول معارضته للتحقيق الذى أجرته لجنة جولدستون، يقول بيريز :"إن إسرائيل تشكل لجانها الخاصة للتحقيق بعد كل حرب. فقد سبق وقام وزراء للدفاع بالاستقالة من منصبهم، وهناك قادة ميدانيون تمت إقالتهم. نحن نفعل ذلك من دون أن يرغمنا أحد. ولكن هذه المرة كان هناك قرار من جانب واحد للنظر فى جرائم حرب إسرائيل. ومن بين التوصيات الـ 26 للجنة تحقيق جولدستون، لم تطرق أى توصية منها لكيفية محاربة الإرهاب. إن هذا التقرير منحاز بشكل كلى. نحن نعلم جيدا أن هناك أغلبية ضد إسرائيل داخل الأمم المتحدة، لم تبد يوما ما قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان من قبل دول أخرى. لقد أخطأ جولدستون فى قبوله الإشراف على هذه اللجنة التى تتألف من غالبية مناهضة لإسرائيل".
وأما عن اعتقاده أن قرار أوباما بالتخلى عن الدعوة إلى التجميد التام للمستوطنات يمثل انتصارا لنتانياهو، أجاب بيريز : "لا أعتقد أننا حققنا أى انتصار دبلوماسى. فقد وافقت حكومة نتنياهو، التى تتألف من اليمين الإسرائيلى، للمرة الأولى على حل إقامة دولتين.، وهو الأمر الذى لم يكن من السهل على رئيس الوزراء تحقيقه مع حزب يرفض تماما هذا المبدأ. فضلا عن أن موافقة نتانياهو على تجميد بناء المستوطنات لأول مرة هى مسألة لم يسبق لها مثيل".
"لقد طالبت الولايات المتحدة بالتجميد لمدة اثنى عشر شهرا، ولكن الحكومة الإسرائيلية قد قبلت بتسعة أشهر. لقد كان قرارا صعبا، حيث كان علينا مواجهة مشكلة النمو الطبيعى. وقد كان ذلك هو الخلاف الوحيد بيننا وبين أوباما. أما العرب، فهم لم يستجيبوا لدعوة الرئيس الأمريكى. إذ كان يريد هذا الأخير أن يعترف السعوديون جزئيا بإسرائيل، ولكنهم رفضوا. فى الوقت الذى وضع فيه فجأة الفلسطينيون شروطا للتفاوض، بعد أن كانوا يتفاوضون حتى الآن دون شروط مسبقة. لقد أخذت إسرائيل على محمل الجد دعوة أوباما، لاسيما وأننا نؤمن بحسن نواياه، ونحاول تحقيقها. أعتقد أن الفلسطينيين قد ارتكبوا خطأ صغيرا عندما ظنوا أن الولايات المتحدة قد تخلت عن إسرائيل، فى حين أن العكس هو ما حدث".
وحول استمرار وجود أمل فى تحقيق السلام مع الفلسطينيين، فى الوقت الذى تبدو فيه عملية السلام اليوم فى حالة من الجمود الكلى، يعلق بيريز قائلا : "ليس هناك فرصة لميلاد قصة حب بيننا وبين الفلسطينيين، فهو لن يكون سلاما رومانسيا، بل سلام للضرورة. وحتى السلام الذى وقعناه مع مصر والأردن ليس مثاليا، ولكن لم يعد هناك المزيد من الموتى وهذا هو الشىء الجيد. نحن نحاول إيجاد حلول عملية للانقسامات. وعلى الرغم من صعوبة ذلك، إلا أننى متفائل. إننى لا أعد بتحقيق سلام مثالى، ولكن سلام من شأنه تمكين الفلسطينيين ونحن أنفسنا من العيش دون خطر التهديد بالقتل".
وعن سؤال "هل هناك فرصة أمام عملية السلام فى ظل الحكومة الحالية لنتانياهو" يجيب بيريز : "نعم، لأننا متفقون على أسس السلام. فنحن نتفق على حل الدولتين، الذى يوافق عليه الطرفان وبقية العالم. كما أننا نتفق على إعادة الأراضى الأساسية تقريبا، لكننا مستعدون لمناقشة فكرة التبادل. بالإضافة إلى أننا شبه متفقين حول مشكلة اللاجئين، إذا جاز لى استخدام هذا التعبير. هذا فضلا عن أن السياسة العربية قد تطورت أيضا. لقد قدمت حكومة نتانياهو الكثير من التنازلات. وبات لدينا علاقات ممتازة وأنا مقتنع بأنه يريد السلام".
وحول موقفه اليوم من فكرة القيام بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، بعد أن كان يعارض الهجوم على المفاعل النووى العراقى فى 1981، يوضح بيريز أن هناك فرق بين الملفين. حيث كانت العراق آنذاك مشكلة بالنسبة لإسرائيل، أما إيران فهى اليوم بالتأكيد المشكلة رقم واحد بالنسبة للعالم بأجمعه.
يقول بيريز : "إن إسرائيل ليست الوحيدة المعنية بهذا الأمر، فهى بلد صغير ولا يمكنها وحدها تولى مسئولية مشكلة تخص الجميع. فإذا كانت هناك وسائل أخرى لحل المشكلة فهذا أمر جيد، وعلينا أن ندع المجتمع الدولى يحاول حلها بكل الطرق".
وعن استعداده للإعلان رسميا عن وجود قوة لتوجيه ضربة نووية إسرائيلية لردع إيران، يجيب بيريز "أن الخطر لا يتمثل فى وجود القنبلة، وإنما فى أولئك الذين يمتلكونها. لقد ظلت إسرائيل دائما تقول إنها لن تكون أول من يدخل قنبلة فى منطقة الشرق الأوسط. ولكن لا يهمنا أن يُشتبه فى امتلاكنا للقنبلة النووية، وذلك لأن الشك فى حد ذاته هو وسيلة للردع. ولو أننا تمكنا أن نردع من خلال الشك، فلما لا، نحن لسنا ضد ذلك...".
بيريز: أمريكا لن تتخلى عن دعم إسرائيل ضد جولدستون
الجمعة، 16 أكتوبر 2009 04:40 م
بيريز يؤكد عدم تخلى أمريكا عن دعم إسرائيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة