رصدت مجلة الإيكونومست، الأوضاع المتدهورة للتعليم فى العالم العربى. وأوردت المجلة عددا من الدراسات والإحصائيات التى تكشف بالأرقام والنسب مدى سوء التعليم فى الدول العربية مقارنة بالدول النامية.
واستهلت الإيكونومست تقريرها بالقول: تضمن عدد صدر مؤخراً من جريدة "ساينس" الأسبوعية الصادرة عن الرابطة الأمريكية لتقدم العلوم، موضوعاً عن بحث علمى يكشف عن وجود هيكل عظمى لإنسان عاش قبل 4.4 مليون سنة أطلق عليه اسم "أردى" اختصاراً للاسم العلمىArdipithecud ramidud" " المشتق من كلمة "أصل" أو جذر"، يؤكد أن البشر لم يتطوروا عن أسلاف يشبهون الشمبانزى مما يعمق وهم التطور البشرى، وبما يعنى أن الإنسان والقرد تطورا كلا على حدة من جدين مختلفين.
وكانت تغطية هذا الخبر فى أنحاء مختلفة من العالم العربى، مختلفة. فجاء عنوان المصرى اليوم عن هذا الموضوع: "علماء أمريكيون يفضحون داروين"، فى حين نشر موقع الجزيرة نت هذا الخبر تحت عنوان "أردى يدحض نظرية داروين". واحتفلت تعليقات عشرات من القراء بهذا الخبر باعتباره ضربة للمادية الغربية وانتصاراً للإسلام. فقط قارئين أو ثلاثة كتبوا يشكون من أن التقرير لم يقدم نتائج البحث العلمى بشكل دقيق.
ولم تكن ردود الفعل على هذا البحث العلمى مفاجئة. فطبقاً لعدد من الاستطلاعات، فإن ما يقرب من ثلث البالغين فى مصر لم يسمعوا أبداً عن نظرية شارلز داروين، وأن 8% فقط يعتقدون بوجود دليل على صحة هذه النظرية.
حتى المعلمين، الذين يجب أن تكون معرفتهم أفضل فى هذا الشأن يتشككون فى هذه النظرية. ففى مسح شمل تسعة مدارس حكومية مصرية، لم تزد نسبة المعلمين الذين يعتقدون بصحة نظرية داروين عن 3.1%. وبينما اعتقد 15% من الدارسين بإحدى الجامعات الخاصة فى الإمارات أنه يوجد دليل قوى يدعم نظرية التطور.
ولعل قوة العقيدة الدينية بين العرب هى التى تفسر ولو جزئياً ترددهم فى قبول حقائق نظرية التطور. فحتى قبل الإصلاحات الأخيرة فى السعودية، كانت المدارس الإبتدائية تخصص 31% من الوقت الدراسى للدين مقارنة بـ20% للرياضيات والعلوم. كما أن ربع طلاب الجامعات فى المملكة يكرسون الجزء الأساسى فى برنامجهم الدراسى للدراسات الإسلامية أكثر من الهندسة والطب والعلوم مجتمعة. وعلى الرغم من تغيير المناهج السعودية، إلا أن دراسة العلوم الدينية لا تزال غالبة كل عام فى كل المستويات الدراسية من المدارس الإبتدائية وحتى الجامعة.
مثل هذه الخيارات تكون لها عواقب تتجاوز إنكار نظرية داروين. فالدول العربية الآن تنفق كثيراً على التعليم، وقامت بقطع خطوات كبيرة نحو القضاء على الأمية وزيادة الالتحاق بالتعليم الجامعى وتقليص الفجوات فى التعليم بين الجنسين. غير أن الفجوة فى جودة التعليم بين العرب وغيرهم من الناس على مستوى مماثل للتنمية لا يزال مخيفاً. ذلك هو أحد الأسباب التى تجعل الدول العربية تعانى من معدلات مرتفعة بشكل غير عادى من البطالة بين الشباب. فوفقاً لدراسة حديثة أجراها فريق من الخبراء الاقتصاديين المصريين، فإن نقص المهارات لدى قوى العمل بشكل كبير تفسر أسباب فشل النمو الاقتصادى السريع الذى حققته مصر فى انتشال مزيد من الناس من براثن الفقر.
أما الدراسة المقارنة عن الأنظمة التعليمة، والتى وصفتها المجلة بأنها الأكثر صرامة تتمثل فى المسح الذى أطلق عليه الاتجاهات الدولية فى دراسة العلوم والرياضيات والذى يتم إجراؤه كل أربعة أعوام، وصدر تقريره الأخير عام 2007، فتشير إلى أنه من بين 48% شملها المسح، كانت كل الدول العربية المشاركة فيه أقل من المتوسط. والأكثر إزعاجاً أن أقل من 1% من الطلاب ممن تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 14 عاما فى عشرة دول عربية وصلوا إلى مرحلة متقدمة فى مجال العلم مقارنة بنسبة 32% فى سنغافورة، و10% فى الولايات المتحدة. وكانت دولة عربية وحيدة وهى الأردن سجلت معدل أعلى من المتوسط الدولى مع وصول 5% من طلابها البالغين 13 عاماً إلى الفئة المتقدمة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن القائمة العالمية بأفضل 50 جامعة على المستوى العالم لم تتضمن جامعة عربية واحدة، فى الوقت الذى ضمت فيه القائمة ثلاث جامعات من جنوب أفريقيا وست جامعات إسرائيلية. ويصنف المنتدى الاقتصادى العالمى فى سويسرا مصر فى المرتبة 124 من بين 133 دولة فى القدرة على المنافسة، ومن حيث جودة نظام التعليم الإبتدائى والرياضيات وتدريس العلوم.
الإيكونومست: تدهور التعليم أجهض النمو الاقتصادى فى مصر
الجمعة، 16 أكتوبر 2009 07:35 م
تدهور التعليم أجهض النمو الاقتصادى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة