ربما لا يكون خبراً جديداً وقد يكون خبراً قديماً قدم التاريخ منذ بناء المعابد والأهرامات والمسلات الفرعونية، وهذا الخبر مفاده أن لأحجار الجرانيت تأثيراً كبيراً فى تنقية مياه الشرب.
فإلى منتصف القرن الماضى، العشرين، فقد كان كثير من المصريين يعتمدون على مياه النيل مباشرة فى الشرب، وخاصة فى زمن التحاريق، ولكن عندما يفيض النيل ويتغير لونه بلون الطمى الذى كان يحمله من أواسط أفريقيا فكانت جداتنا تخضع ماء النيل والذى صبه السقاءون أو جلبنه من النيل ببلاليصهن وصببنه فى الأزيار (جمع زير) لعملية تسمى الترويق (أى جعل لونه رائقا)، ويستخدمن فى ذلك قطع من بلورات ملحية تسمى الشبة الزفرة وهى ما تسمى كيمائياً (كبريتات الألمنيوم أو كبريتات البوتاسيوم)، وكن يضعنها بين أصابعهن وتضع يدها إلى منتصف ماء الزير وتحركها بحركة دائرية سريعة عدة دورات ثم تخرجها وتحتفظ بها لتستعملها فى عملية ترويق أخرى، وسرعان ما تترسب حبيبات الطمى الطينية إلى قاع الزير ويصبح الماء رائقاً كلون الزجاج، وبعضهن يجلبن نوى المشمش ويصحنونه حتى يكون ناعماً كالدقيق وذا طعم مر وبنفس الطريقة تتم عملية الترويق، ولكنهن يتركن المسحوق النووى المشمشى فى الماء ويخرج مع الطمى عندما ينظفن أزيارهن بين كل حين وحين.
وقد ثبت بعد عشرات السنين أن بنواة المشمش مواد جليكوسيدية سيانيدين ومن المواد الجليكوسيدية مادة الصابونين وتلك المواد الجليكوسيدية هى التى تعطى البذور الطعم المر، وهى مواد مصنفة أنها مواد سامة فى حالة تركيزاتها العالية جداً، ولذلك كانت جداتنا بطريقة فطرية تقبض بقبضة ثلاثة أصابع فقط لتقضى على البكتريا والجراثيم والفطريات فقط، وتحوى نواة المشمش مادة الأمجدالين، وتسمى أيضاً بفيتامين 17 وهى مادة تذوب فى الماء وهناك فرضية تقول بأن هذه المادة تعتبر مضادة للسرطان وتقتل الخلايا السرطانية.
فانظر عزيزى القارئ عبقرية جداتنا فى ترويق الماء وعجز أحفادهن فى ذلك وماء الصنبور خير دليل، فالماء أصفر كالبول والرواسب مقرفة والطعم ورائحة الكلور تدل على أن مسألة تنقية مياه الشرب أى كلام وسمك لبن تمر هندى.
وأعود للجرانيت تلك الصخور النارية الواضحة التبلور فهى تشتمل على الجرانيت والنيس والسيانيت والمونزونيت والجرانوديوريت والأنورثوزيت والجابرو وتتميز بألوان مختلفة: فمنها اللون الوردى فى حالة سيادة معادن الأورثوكليز، ومنها اللون الرمادى عند سيادة معادن اليبوتيت، ومنها اللون البنى والأخضر عند سيادة معادن الهورنبلند والألوان الغامقة من الجرانيت يطلق عليها الجرانيت الأسود.
وأهيب بالباحثين فى مجال مياه الشرب أن يأخذوا قطعاً من الجرانيت فيما يشبه أحواض الترسيب الحالية فى محطات المياه، ويحللون المياه بعد تمريرها على الجرانيت والعبرة بالنتائج، ويجربون الجرانيت الوردى مرة والرمادى مرة أخرى والبنى والأخضر ونرى أفضل النتائج ويجربون هل نضع فى الأحواض قطعاً من الجرانيت أم كتلاً منها، ونجرب هل تكون الكتل كأحجار الرحى ويحفر فيها مجارى حلزونية تجرى فيها المياه، وإن شاء الله ستكون النتائج مبهرة والتكلفة ستكون رخيصة، وربما نخفض سعر استهلاك المتر المكعب من مياه الشرب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة