"رؤساء الدول يكذبون فيما يتعلق بحالتهم الصحية" هى أبرز القضايا التى أكد عليها وزير الخارجية البريطانى الأسبق اللورد ديفيد أوين فى ندوته مساء أمس الأربعاء والتى عقدت بالقاعة الشرقية بمقر الجامعة الأمريكية، وذلك ضمن دورة "هيكل" التدريبية للصحفيين المصريين "صحافة عبر الحدود".
وشهدت الندوة التى كان موضوعها "الصحة البدنية والنفسية للزعماء وتأثيراتها على الحكم وصنع القرار" حضورا كبير، حيث حرص عدد كبير من رجال الأعلام والساسة على الاستماع للندوة، وتواجد بالصفوف الأولى أحمد ماهر وزير خارجية مصر الأسبق، والقيادى الوفدى منير فخرى عبد النور، والمفكر ميلاد حنا، وعبد الله السناوى رئيس تحرير جريدة العربى، والكاتبة فريدة النقاش.
أكد أوين خلال محاضرته أمس، أن أطباء الرؤساء يلعبون دورا كبيرا فى استمرار الكذب على الشعب حول حالة الرئيس الصحية، حيث يصدرون البيانات التى تؤكد أن حالته الصحية جيدة وفى كامل لياقتها، فى حين أن العكس هو الصحيح، وهو الأمر الذى يساهم فى عدم تلقى الرؤساء علاجا جيدا فى بعض الأحيان بسبب عدم رغبتهم فى الإفصاح عن مرضهم لأقرب الناس إليهم، حتى زوجاتهم.
وقال أوين إن اهتمامه ودراساته شملت الأمراض الأخرى التى يصاب بها رؤساء الدول غير الأمراض الجسدية، مثل الأمراض الذهنية، كالاكتئاب والنرجسية والثقة المفرطة فى النفس، قائلا "عندما يبقى الرؤساء مدد طويلة فى الحكم، يولّد ذلك إحساسا بالثقة المفرطة، يعتقدون خلالها أنهم يعرفون كل شىء، وأن لديهم أجوبة وردود واضحة حول كل القضايا، وأنه لا يوجد شخص آخر يمكنه اتخاذ القرارات فى الدولة غيرهم.. ومن الصعب أن تقنع أى رئيس أنه يعانى من النرجسية".
وأضاف أوين "هذه النرجسية هى التى جعلت بوش وبلير يتخذان قرار الحرب على العراق دون وجود تفاصيل جدية ودقيقة أو حتى خطة لمرحلة ما بعد الحرب".
وأشار أوين إلى أن الإجراءات الأمنية المشددة التى تحيط بأى رئيس تجعله أكثر عزلة، وتساهم فى إحساسهم بأنهم "يعرفون كل شىء"، وأنهم ليسوا كباقى المواطنين لأن القوة المطلقة تؤدى إلى الفساد المطلق.
وحث أوين جميع رؤساء البلدان المختلفة أن يفصحوا عن حالتهم الصحية، لأنه من الممكن أن ُيطلب الشعب من الرئيس الرحيل، بناء على حالته الصحية، والتى تؤثر فى قدرته على اتخاذ القرارات.
وطالب أوين أن لا يبقى أى رئيس أكثر من 8 أعوام فى الحكم، وأن يقف الشعب ضد الرؤساء الذين يغيرون الدستور بعد فترتين من حكمهم، ليستطيعوا أن يبقوا مدى الحياة على كرسى الرئاسة.
وضرب أوين مثلا برئيس وزراء النرويج الذى أعلن لشعبه أنه يعانى من مرض الاكتئاب، وحصل على إجازة من عمله للعلاج وتحسن بعدها تحسنا كبيرا، واستمر فى مكانه كرئيس للوزراء.
وعرض أوين لمجموعة من الأمراض التى أصابت الرؤساء، كالحالة الصحية للرئيس الأمريكى كينيدى على سبيل المثال، حيث أكد أوين أن لون بشرته البرونزية كان بسبب مرضى، لأن كينيدى عانى من أمراض كثيرة منذ سن صغيرة، وأراد كينيدى أن يخدم بلاده، فكذب بشأن مرضه، فلم يكن يريد أن يعوقه شىء عن عمله، وكان يعرف أنه إذا علم الشعب الأمريكى بطبيعة مرضه، فلن ينتخبه مرة أخرى، لذلك فكان يجتهد ليظهر دائما بصورة تبدو "صحية" وكان يتعاطى الكثير من المنشطات ليحافظ دائما على تلك الصورة، وهذه المنشطات تجعل الشخص يبدو فى حالة جيدة لمدة 45 دقيقة فقط، ثم تبدأ أعراضها السيئة فى الظهور.
بالإضافة إلى شاه إيران رضا بهلوى، والذى عانى من سرطان حاد فى الدم، وأخفى مرضه عن الجميع، ولم يعرف به أحد، وهو ما فعله أيضا الرئيس الفرنسى ميتران عند إصابته بسرطان البروستاتا، وذلك على الرغم من تعهده فى بداية حكمه أنه سيلتزم بالإعلان عن حالته الصحية.
وأضاف أوين فى نهاية الندوة أن النرجسية والثقة المفرطة فى النفس، من الممكن أن تصيبا الجميع، وليس الرؤساء فقط، فهناك أطباء ورجال دين يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يعرفون كل شىء.
فى ضيافة "هيكل" بالجامعة الأمريكية..
وزير الخارجية البريطانى الأسبق: لا يجب أن يبقى الرئيس فى الحكم أكثر من 8 أعوام.. الاكتئاب والإحباط والنرجسية أبرز الأمراض التى تصيب الرؤساء.. والإجراءات الأمنية المشددة على الحكام تساهم فى عزلتهم
الخميس، 15 أكتوبر 2009 01:50 م
جانب من الندوة - تصوير سامي وهيب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة