فى عينيها نظرات من الحزن والشجن، على قسمات وجهها معارك خاضتها منذ أن قررت أن ترتدى زى الرجال وتأخذ بثأر ابن عمها وخطيبها الذى أحبته.
«حميدة عوض عبد الرحمن» سيدة تبلغ من العمر 73 عاما، عاشت طفولتها وشبابها فى مركز جهينة أحد المراكز التابعة لمحافظة «سوهاج» وعندما بلغت مبلغ «الأنوثة» تمت خطبتها لابن عمها الذى أحبته وتصفه بكلمة ترددها دائما كلما حل ذكره: «راجل على كيفك»، ولكن القدر فرق بينهما، حيث راح ضحية معركة ثأرية بين عائلتين، ولم يثأر له أحد من رجال عائلتها فارتدت هى جلبابا بلديا «رجالى» وحملت سلاحا وثأرت له، وبعدها رفضت الزواج كما رفضت أن تخلع الجلباب الرجالى الذى ثأرت به، ومن يومها ارتدت أيضا العمامة على رأسها، وبدأت فى تدخين السجائر، ولا يستطيع أحد أن يميز أنوثتها إلا من صوتها. إذا سألتها عن «الجلابية الرجالى» فستجيبك: «أنا رحت العمرة وسألت الشيخ وقال لى مش حرام، وزيادة فى الحرص أنا برضه بلبس جلاليب حريمى بس تحت الجلابية الرجالى عشان لو كان حرام يبقى أنا فى الأمان».
هربت حميدة إلى أسيوط حيث عملت مربية لدى «إحدى العائلات» رغم أنها سليلة «الحسب والنسب» مثلما تقول، وحفظت سرها دون أن تطلع عليه أحدا من العائلة التى خدمت عندها، وبعد أن أتمت مهمتها بنجاح فى تربية الأبناء الأربعة لرجل العائلة الذى خدمت عنده أكرمها رب العائلة فاشترى لها شقة تسكنها حاليا، ومن حين لآخر يمر عليها الأبناء الذين يعتبرونها أما لهم على الرغم من وجود أمهم الحقيقية على قيد الحياة.