>> المتشددون يعتبرون غير المنتقبات «سافرات» ويدعون للمحجبات بالهداية.. والمثقفون يرونه وصمة عار تهدد المجتمع
من أكثر الأسباب التى جعلت الجميع يتوحد فى حملة الهجوم على شيخ الأزهر فى إجباره فتاة على نزع نقابها، كانت الطريقة المستفزة التى انتهجها طنطاوى فى هذا التصرف، بقوله لها «أمال لو كنتى حلوة كنتى عملتى إيه» وهو ما اعتبره البعض جرحا لمشاعر الفتاة يدعم حقها فى التمسك بارتداء النقاب، فالرجل لم يبدأها بالنصيحة ولكنه ابتدرها بالتعنيف، والأمر نفسه تكرر مع الدكتور هانى هلال الذى تعامل بتجاهل مع منتقبات جامعة القاهرة، ولم يجد سوى مبرر واحد لمنعهن من السكن بالمدينة الجامعية، إلا أنه تم القبض على 15 شابا داخل الجامعة يرتدون النقاب، وهو مبرر استفز الفتيات أيضا بوصفه الحجة الجاهزة لمهاجمى النقاب تحت دعاوى «الأمن».
السلفيون أيضا استفزوا الناس بإصرارهم الدائم على التأكيد بأن النقاب فرض ومن لا ترتديه إما سافرة أو مفرطة، وهو الاتهام الذى أغضب كل من لا ترتديه حتى وإن كانت متحجبة، مما يورثها شعورا بالإهانة، وأيضا الدعوات المتكررة ممن يسمون أنفسهم بـ«الملتزمين» للمتحجبات بأن التزامهن سيكون مبتورا بدون النقاب، أما السبب الأخير الذى يستفز رافضى النقاب فهو اختزال الدين فى النقاب واعتباره شهيد حرب علمانية ملحدة على الإسلام.
وحينما كانت معركة الدكتورة إيمان الزينى مع الجامعة الأمريكية عام 2001 تشتعل بسبب رفضهم دخول مكتبة الجامعة بالنقاب، تغذت هذه الحرب ببعض الأخبار التى تطيرها وكالات الأنباء من آن لآخر حول تعرض المنتقبات فى الغرب لحوادث اعتداء أو اضطهاد، وجعل المتدينين يضعون النقاب والإسلام فى خانة واحدة معتبرين أن «التآمر» الغربى على الإسلام بدأ من داخل المسلمين باستغلال هجوم بعضهم على النقاب بوصفه تشددا.
وكان أكبر مثال للهجوم المستفز على النقاب ما ذكره المفكر الإسلامى جمال البنا فى وصفه بأنه «وصمة عار» تأكيدا على أنه ليس من الشريعة الإسلامية فى شىء، فكان ربط النقاب بالعار سببا كافيا لاستفزاز مؤيدى النقاب ليضعوا البنا هدفا مباشرا لنيرانهم، وهو نفسه ما حدث مع الدكتورة سعاد صالح حينما نسب إليها القول بأنها «تشمئز» من النقاب، ثار الشيخ يوسف البدرى وهددها بالتقدم هو و20 منتقبة ببلاغ للنائب العام ضدها، الفريق الآخر أيضا لم يسكت بل استخدم كل الحجج الدينية لإثبات وجهة نظره فى فرضية النقاب، مستعينين بفتاوى للعثيمين وابن باز تعتبر النقاب فريضة، وهو الأمر الذى استفز معارضيه من رجال الدين باعتبار أن إسقاط كلمة فريضة على أمر من الأمور يعد أكثر من مجرد كلمة تقال.
حرب النقاب فى البداية كانت تدور حول شرعيته، ثم انقلبت فى النهاية إلى وسيلة يستفز بها كل فريق منهم الآخر، ودخل على الخط أطراف كثيرة أولها وزارة الأوقاف التى رصدت العام الماضى حوالى 10 ملايين جنيه لتسيير 900 قافلة دعوية لنشر الفكر الوسطى بعيدا عن مظاهر التشدد (ومنها النقاب) وأتبعته بإصدار كتاب «النقاب عادة وليس عبادة» وقامت بتوزيعه على مساجد الجمهورية، وهو ما اعتبره السلفيون بمثابة «حرب منظمة» على النقاب وهو ما استفزهم كثيرا ودفعهم لاتهام الدولة بمحاباة العلمانية والتيارات الملحدة على حساب الدين.. الفريق الآخر لم يسكت فانبرى رافضو النقاب فى ربطه بعدد من السلبيات التى تسود المجتمع مثل الجرائم التى ترتكب به أو أنه نوع من الرجعية والتمسك بالثقافة البدوية أو الوهابية، أو أنه «تشدد جاهل» حسب وصف من يعتبرونه عادة يهودية قديمة تسللت إلى الإسلام لتفسد وسطيته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة