أكرم القصاص

النقاب.. معركة خارج الملعب

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009 12:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الوقت الذى استغرقنا فيه طويلا فى معركة النقاب، وقبلها الحجاب. هناك الكثير من القضايا والأحداث جرت فى العالم، ونحن مشغولين بالجدل، وسوف نبقى لشهور أو سنوات. وخلال ثلاث سنوات على الأكثر رأينا أكثر من عشرين معركة على الحجاب، فى مصر والعالم، ومثلها حول النقاب. ولم نر مناقشة نافعة. غرقنا فى المجادلات غير المحسومة، والمناقشات العقيمة.

الحقيقة منذ بدأ التضخيم من تصرف شيخ الأزهر مع الطفلة المنتقبة، أو الموقعة الدائرة بين وزير التعليم العالمى الدكتور هانى هلال وبين كثيرين، بدى الأمر وكأنها مباراة مخطط لها. ولا أقول معركة. لأنها أقرب إلى مباريات كرة القدم.. إما الأهلى أو الزمالك. ولا يمكن للأهلاوى أن يكون زملكاويا والعكس بالعكس.

ومع الاعتراض على الطريقة التى عبر بها شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى عن رأيه فى النقاب، وما نقل إنه قال للطفلة كذا وكذا، فحتى لو كان شيخ الأزهر عبر بشكل آخر، عن رفضه للنقاب واعتباره ليس من الإسلام، لم يكن يسلم من الانتقادات والهجوم، ونفس الأمر فيما يخص الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى. لا أحد مع تعنيف تلميذة، أو طرد طالبة، أو فتاة، أو منعها من حقها فى العلم. بسبب ملابسها. مع اعتبار النقاب رأيا شخصيا وليس فرضا لأنه مختلف عليه.

لكن الواقع أن هناك تيارا يعتبر المعركة مصيرية. وقد تجاوز بعضهم فى الرد على شيخ الأزهر بطريقة أكثر مما فعله، مع علمهم أن هذه طريقته فى التعبير. لكن بعضهم سبه سبا يتنافى مع أى دين. الأمر يتعلق بإثبات وجود، وليس بالدين، هم لم ينتهوا بعد من معركة الحجاب، انتقلوا للنقاب، وهو أمر يثير الدهشة، لأن نفس المعركة يخوضها قطاع من جماعات التفرغ الدينى، يخوضونها فى أوروبا ودول مثل ألمانيا وفرنسا، مع أنها قضايا شكلية لا علاقة مباشرة لها بالإسلام الحضارى.

لكن فى الغالب فإن كثيرين ممن عينوا أنفسهم دعاة أو جماعات، ركزوا على الشكل قبل كل شىء، ويزعجهم أن يرفع أحد فى وجههم كلمة العقل أو التفكير أو التجربة أو العلم، لأن مثل هذه الكلمات فى الغالب تعنى العلمانية يعنى الكفر يعنى جهنم. كل هذا الضجيج حول معارك لا تتجاوز وجه المرأة، الحجاب أو النقاب، معارك تبدو فى كثير من الأحيان، أقرب للجاهلية، لأن الإسلام كرم المرأة، وحرم وأدها وقتلها، أو التعامل معها كنوع من العقار أو الأثاث، وهناك من يتعامل معها كعقار أو غواية متحركة. والغواية فى عقولهم أولا.

ما نراه طوال سنوات يتوقف فقط عند الوجه لا يتجاوز إلى العقل، بل ومن المعروف أن العفة والشعور بالشجاعة والكرامة هو أمور تبدأ وتنتهى فى العقل، ولا يمكن اعتبار كل الأوروبيات بلا عقل، ونحن نرى رئيسة ألمانيا وهى بالمناسبة دولة قوية، ومتقدمة وفيها علماء وحضارة ولدى الألمان أخلاقيات للعمل والتقدم، وتحكمهم امرأة، هى ميركل، ولم تنهدم الدنيا، رأينا انديرا غاندى تحكم شبه القارة الهندية، ثانى أكبر دولة من حيث السكان، وفيها مئات الديانات والعقائد، ورينا رئيسة لوزراء تركيا، التى يحكمها تيار إسلامى، يحترم الإسلام ويمكن أن تحكم امرأة وزراء تركيا ولن تكون الدنيا منهدمة. فى أمريكا رأينا كيف كنا نغتاظ من طريقة كونداليزا رايس وهى وزيرة للخارجية كانت تستفزنا، امرأة اقتربت من رئاسة الولايات المتحدة، التى يرأسها مهاجر من أصل أفريقى هو باراك أوباما، وربما تصل امرأة إلى رئاسة أمريكا. رئيسات للوزراء والدول عبر العالم، وهى دول متقدمة، ومتحضرة تعرف النظافة وتحترم الإنسان، وتمنحه حق التصويت بل والوصول للحكم. بينما الرجال عندنا يحاربون لعزل المرأة عن الهواء. هل كل هؤلاء يعيشون الخطأ، وينتظرون أن تنقذهم حركة طالبان، بهدم المدارس، ومنع البنات من التعليم أو التنفس.

هل يتطرق فكر هؤلاء إلى كل هذا ليغيروا قليلا من أفكارهم التى تتنافى مع العقل الذى هو أفضل ما منحه الله للبشر ليستخدموه.

العالم يتغير وبينما نحن نخرج من معرة الحجاب، إلى واقعة النقاب، نجد أن علماء هناك فى أوروبا اكتشفوا الجين المسبب لسرطان الثدى عند المرأة، وهو اكتشاف يقود إلى مزيد من طرق العلاج المبكر للإنسان، ومزيد من التقدم نحو معرفة أكثر عن أسرار السرطان.

هناك نظريات وحلول تقود فى النهاية إلى اختراعات تنقذ بشرا وتجعل حياة الناس أيسر. وتقرب الإنسان أكثر للسعادة، وإلى الإيمان.

وسوف يرد على أحد الجماعة اللابدين والأكثر تعليقا ليصب جام غضبه ويقول وما علاقة هذا بالنقاب، أقول لأننا نستنفد كل وقتنا وجهدنا فى جدل على الشكل، ومع أن تسعة أعشار الإسلام معاملات، والعشر عبادات فإننا لم نتجاوز غطاء الوجه.. وأظن أن من يؤيدون النقاب سوف يصدمهم أن السعودية نموذجهم المثالى ومصدر أفكارهم، أقامت جامعة مختلطة، لم نسمع لهم رأيا فى ذلك، بل فى سبيلها لإطلاق الكثير من التصرفات التى يفرضها العالم. ولن يعنى ذلك أكثر من إعلان ما هو واقع، وليس كتمان مع نفاق.

وربما كان شيخ الأزهر بعصبيته متجاوزا للحد، لكن مهما كانت طريقته، كانت المعركة ستتواصل، والسبب أن أصحاب النقاب لا يريدون القول إنه حرية شخصية، بل يريدون فرضه فرضا، مع أنه مختلف عليه، ولا توجد له أسانيد قوية، فضلا عن كونه غير مناسب للعصر، وبالنسبة للطالبات، إذا كان من حق الطالبة أن ترتدى فمن حق جهة الدراسة أو العمل أن تتأكد من شخصية الداخلين والخارجين، وهو أمر لا ينافى المنطق. ويرمى لحماية المجتمع. وأن يتم التعامل مع النقاب كحرية شخصية لا تلزم الآخرين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة