د. محمد بركه

النقاب ضجة مفتعلة وقرار متسرع

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009 07:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هكذا تفجرت قضية النقاب على أثر حوار شيخ الأزهر مع طالبة المعهد الدينى وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض وتنوعت الردود من رجال الدين وغيرهم دون تروى أو تمعن لتصل للمطالبة بعزل شيخ الأزهر، وتذكر الجميع الحرية الشخصية، لكن كل بمفهومه كل ذلك يحدث وكأن رجال الدين والدولة استيقظا فجأة فوجدوا النقاب يملأ شوارع مصر، رغم أن الأمر يرجع لربع قرن من الزمان عندما بدأت هذه الظاهرة تتسلل إلى المجتمع المصرى من بعض العائدين من الدول الخليجية والمنتمين إلى التيارات السلفية لينموا مع نمو التيار الدينى فى المجتمع المصرى حتى كانت الفضائيات العربية وشيوخ النقاب والتعدد الذين اختصروا الإسلام فى النقاب وتعدد الزوجات، ومع ذلك اختفت المؤسسة الدينية بعلمها وعلمائها حتى تفجر الموقف مؤخرا لينقسم رجال الدين على أنفسهم فى قضية ليست هى الأخطر فى حياة المسلمين ولا هى التى ستعرض إيمان الأمة للخطر وهى قبل كل شىء قضية خلافية فلما كل هذا الخلاف أذن، ولما هذا التراشق الذى انتظره البعض ليصب سهامه إلى المؤسسة الدينية لينال من هيبتها ووقارها والمؤسسة الدينية نفسها مسئولة عما يحدث فهى التى عرضت مصداقيتها للتشكيك، حينما ظهرت فى شكل من يتلقى أوامر وأسرعت فى إصدار قوانين هى أول من يعلم أنها لا يمكن متابعتها، خاصة أن هناك الكثير من المتعاطفين مع المنتقبات ليس من باب التقوى، ولكن من منطق الكثرة وآخرين يرون فيه نوعا من التحدى للمؤسسة الدينية المستأنسة!!!

فكم من القضايا الملحة والتى تهم كل المسلمين تقاعست المؤسسة الدينية فى التصدى لها أو مناقشتها بنفس السرعة ورد الفعل مثلما فعلت مع النقاب، وكان الأجدى والأفضل أن يكون هناك نقاش هادئ بين رجال الدين من جهة وبين المجتمع ورموزه من جهة أخرى، حوار ينتهى لرأى يُتفق عليه وتُقترح إليه للتنفيذ دون الدخول فى صراع مجتمعى لا يفضى إلا إلى مزيد من الفوضى وتبادل التهم.

أما شيوخنا الأفاضل المجاهدين من أجل النقاب فلماذا لا نراهم يجاهدون وبنفس الحماس عن باقى قضايا الأمة أين صراخهم من أجل قضايا العدل والمساواة والتكافل الاجتماعى وتفشى الرشوة وانتشار المحسوبية، أين دورهم فى قضايا الحريات كلها وليس حرية النقاب، أين دعوتهم للمجتمع الذين يرون عفته فى النقاب ولا يرون عوراته فى التخلف والإهمال والتواكل!؟ أين دورهم فى رفع راية الإسلام فى محافل العلم وحرصهم أن يكون هذا الدين دين عمل وإتقان وتقدم وتفوق..... فليكفوا حديثهم عن السحر والشعوذة ونمص الحواجب وتقصير الثوب وغيرها من الأمور الشكلية، وليحدثونا كيف قاد المسلمون الأوائل العالم بحضارة أنارت الشرق والغرب؟ هل قادوا العالم بعلماء كانوا يتكلمون فى هذه الأمور السطحية والغيبية أم قادوهم بالعلم والجد والاجتهاد وحسن الخلق؟

إننا فى حاجة لمراجعة مع النفس وليكف الفرقاء عن تعبئة مريديهم ليظهروا قوتهم لدى الفريق الآخر وليأخذوا بأيدى الأمة إلى القضايا الجادة والهادفة التى تصنع مجتمعا يُعلى قيمة العلم والاجتهاد، وعندما ترى الناس يحترمون عملهم ويتفانون فيه وترى شوارع المسلمين نظيفة وتراهم يحترمون النظام ويراعون حقوق الغير ويتعاونون على الصالح العام وقتها تقول لقد فهموا دينهم..... أما إذا زاد صراخهم وتشابكهم واختلافهم فى قضايا هى أصلا خلافية ولم تحسم منذ القدم فعليك أن تعرف أن على الأمة السلام!!!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة