قال اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق ورئيس جامعة ليفربول السابق، وعضو مجلس العموم البريطانى لمدة 26 عاماً، أن على الشعب المصرى السعى إلى تحديد مدة تولى منصب رئيس الجمهورية لفترتين فقط، بحيث تكون كل فترة مكونة من أربع سنوات، مضيفاً أن النظام الأمريكى يعد الأنسب والأفضل فى الدول الديمقراطية الحديثة، مشيراً فى الوقت نفسه أنه متفائل جداً بأن نظام الحكم المصرى متجه نحو الديمقراطية بقوة خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وأوضح أوين أثناء محاضرته التى ألقاها فى الدورة التدريبية التى تنظمها مؤسسة هيكل للصحافة العربية عبر الحدود تحت عنوان "الصحافة عبر الحدود" أنه يوجد فارق بين ديمقراطية الدول الأوروبية التى تعتمد على دمج السلطات والديمقراطية الأمريكية التى تهدف إلى فصل السلطات، مشيراً إلى أن النظام الرئاسى الذى يفصل بين السلطات أفضل كثيراً من النظام الديمقراطى البرلمانى المعمول به فى أوروبا وبريطانيا.
وأكد على أن نظام مصر السياسى هو نظام رئاسى وأشبه بالنظام الأمريكى، ولكن يحتاج للعديد من الإصلاحات ولإرساء قيم الديمقراطية فيه، وأول تلك الإصلاحات هو تحديد مدة تولى رئيس الجمهورية لمنصبه لتصبح فترتين مكونتين من أربع سنوات لكل منهما، موضحاً أنه حتى فى التاريخ البريطانى عندما زاد تونى بلير ومارجويت ثاتشر عن ثمانى سنوات كانت نهايتهما فى غاية السوء، وأنهم لو اكتفوا بثمانى سنوات لكان التاريخ سيذكرهم بشكل أفضل كثيراً جداً كقواد عظماء فى التاريخ البريطانى.
وأضاف أوين أنه لا يوجد نظام ديمقراطى نموذجى، ولذا هو يرفض أن يملى الغرب ديمقراطيته على الدول الأخرى، لأن الديمقراطية عبارة أن يحكم الناس بالطريقة التى تريحهم وتنفعهم، ولذا فإنه لا يوجد نظام ديمقراطى محدد، وأشار إلى أن ما حدث فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة من فوز نسبة كبيرة من الإخوان المسلمين تحت مسمى "مستقلين"، كان خطوة وحراكا كبيرا فى بداية الطريق نحو وجود اختلافات فى الرأى وبناء الديمقراطية، مشيراً إلى أن إرساء الديمقراطية يأخذ وقتاً ويأتى على مراحل متعددة.
وفى الوقت نفسه شدد أوين أن أهم الأمور التى يجب الالتفات إليها هى استقلال نواب مجلس الشعب حتى يؤدوا مهامهم الرقابية على السلطة التنفيذية بشكل فعال ويمكنهم محاسبتهم وعقابهم على ما يفعلونه من أخطاء، ولكنه أشار إلى أن أهم مبادئ الديمقراطية هى التسامح وقبول وجهات نظر الآخرين، وأنه عندما تكون مصر لديها ممثلون فى البرلمان من كل طوائفها سواء أكانت العرقية أو النوعية أو الدينية أو الجنسية، فى تلك الحالة ستكون دولة تحمل معانى الديمقراطية الحقيقية.
وعن الإخوان المسلمين قال إن عليهم حتى يحظوا بالقبول أن يتقبلوا وجهات النظر الأخرى، وفى حال عدم فوزهم بالأغلبية فعليهم قبول ذلك والتخلى عن تعصبهم، وعليهم التخلى عن طموحاتهم فى قلب نظام الحكم، والتخلى عن التنديد بالرئيس ونظام الحكم، والتفكير أكثر فى قبول الآخرين، لأن قبول الآخر هو المعنى الأقوى والوحيد للديمقراطية، لأنه يجب قبول نظام الحكم الموجود وكمثال يوجد فى فرنسا مسلمون متواجدون من ثلاثة أجيال، وهم يحترمون نظام الحكم الموجود هناك.
وفى تصريحات تعتبر مغايرة تماماً لمواقفه السابقة عندما كان وزيرا للخارجية البريطانية إعتبر أوين التدخلات العسكرية للأغراض الإنسانية فاشلة فى معظم الأحيان، وأنها لا تنفع فى معظم الأوقات، وأنه ينبغى التفكير فى التخلى عنها والأفضل العودة إلى ميثاق الأمم المتحدة وترك سيادة الدول على حدودها.
ولكنه أوضح أيضاً أنها تظل مشكلة بلا حل إذا وجد رئيس دولة يمارس القمع ويقتل شعبه ويجب علينا وقفه، وحينها تكون مشكلة لأن العقوبات أغلبها لا تأتى بنتيجة مثمرة أيضاً، حيث لم تنجح فى التاريخ سوى مرتين أو ثلاث، ومنها مرة هامة جداً عندما نجحت العقوبات فى إنهاء التفرقة العنصرية بجنوب إفريقيا، وأشار إلى أن الحرب فى كوسوفو تمت بشكل فى منتهى السوء ولا يمكن اعتبارها مهمة إنسانية، لأن القوات ضربت الكبارى والمنشآت الحكومية هناك.
ولكنه أشار إلى أن غزو العراق كان مبررا، وأنه كان واجبا إزالة صدام حسين لأنه كان يتلاعب بالأمم المتحدة ويقتل شعبه، وأكد أنه كان يملك فى وقت ما أسلحة دمار شامل وأن تلك المعلومات مؤكدة، وأنه بالتأكيد تخلص منها بطريقة ما وربما ألقاها فى الصحراء، ولكنه أوضح أن الحرب فشلت، ولهذا كان على بلير أن يستقيل ولكنه لم يفعل ذلك، وتساءل أليس فى حال نجاح تلك الحرب فى تحقيق الاستقرار بالعراق كانوا سيعطون بوش وبلير جائزة نوبل للسلام ويعطوهم أفضل الأوسمة للمساهمة فى السلام العالمى؟، لكن المشكلة أن الجنود كانوا يحاربون بعيداً عن وطنهم ويقتلون من أجل مهمة فاشلة.
وأوضح أوين فى نهاية حديثه أنه يوجد دائماً المفاضلة بين العدالة المطلقة للمجرمين من القادة السياسيين أو استعمال الحل السياسى التفاوضى للوصول إلى حل للأزمات المختلفة، موضحاً أن العالم لا يستطيع الحياة مع العدالة المطلقة، وأنه بالنظر الآن إلى القانون الدولى الذى يحدده هو ميثاق الأمم المتحدة، والذى وضع الميثاق هو مجلس الأمن الذى تتحكم به بعض الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة التى هى أكبر قوة فى العالم حالياً.
فى حضور هيكل..
"أوين": على الإخوان التخلى عن هدف قلب نظام الحكم
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009 07:39 م
اللورد ديفيد أوين وزير خارجية بريطانيا الأسبق بجوار هيكل