أطباء صيادلة وعمال نظافة كشفوا الكارثة:

معمل تحاليل بـ"الصحة" ينقل السرطان لرواده

الإثنين، 12 أكتوبر 2009 12:57 م
معمل تحاليل بـ"الصحة" ينقل السرطان لرواده د.محمد عبد الجواد، وكيل نقابة الصيادلة
كتبت منى ضياء ونورا فخرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعيش الصيادلة العاملون بأحد معامل الهيئة العام للرقابة على الأدوية التابع لوزارة الصحة، وهو معمل يسمى HBLC أزمة شديدة الخطورة تتمثل فى أن جميع العاملين بهذا المعمل من صيادلة وعمال نظافة وموظفين، يدخلون إليه معرضون للإصابة بمرض السرطان، وهو ما حدث مع أحد الصيادلة منذ عامين وتوفى نتيجة إصابته بالمرض.

المعروف أن هيئة الرقابة الدوائية تختص بإعطاء التصاريح لأى أدوية سواء مصنعة محليا أو مستوردة من الخارج لتباع فى السوق، حيث يقوم الصيادلة بتحليل مكونات جميع الأدوية وتركيبها ومدى مطابقتها للمواصفات وطريقة التغليف وغيرها من الاشتراطات الصحية، ومن ضمن الأدوية التى يتم تحليل تركيبها كيميائيا أدوية مرض السرطان، ويعد المعمل المذكور هو الجهة الوحيدة فى مصر التى تحلل هذه الأدوية.

الخطير فى الأمر هو أن التعرض للتعامل مع المواد الكيميائية لأدوية السرطان يؤدى للإصابة بمرض السرطان، كما يؤدى لحدوث تشوهات للأجنة إذا ما تعرضت سيدة لهذه المواد الخطرة، حتى وإن حدث الحمل مستقبلا، مما جعل المسئولين فى المعمل يمنعون السيدات من تحليل مواد السرطان لفترة، إلا أن الوضع عاد كما كان عليه، خاصة أن عدد من يعملون بهذا المعمل الآن يبلغ 15 صيدليا، منهم رجل واحد و14 سيدة.

هذه المشكلة عمرها سنوات طويلة، وهى أن المعمل لا يحتوى على أى من الاشتراطات الصحية والوقائية التى يجب اتباعها عند تحليل هذه المواد الخطرة والمشعة، وشكا الصيادلة كثيرا على مدار العامين الماضيين لجميع الجهات المعنية من نقابة الصيادلة ووزارة الصحة، ولم يحصلوا على شىء سوى وعود بتوفير الأدوات والأجهزة المطلوبة وتجهيز معمل جديد خاص بتحليل أدوية السرطان، ولم يحدث أى شىء حتى الآن.

الصيادلة توجهوا بالشكوى لليوم السابع، وقالت إحدى الطبيبات التى طلبت عدم ذكر اسمها خوفا من تهديدات الهيئة بنقلها أو فصلها فى حالة الحديث عن المشكلة: "توجهنا لجميع المسئولين دون جدوى" وأضافت أنه عند محاولة التفاهم مع رئيسة المعمل والتى تولت العمل منذ 5 أشهر قالت لهم: "وإيه يعنى.. ممكن تكونوا ماشيين فى الشارع وتموتوا"!
وأكد صيادلة المعمل أنه نظرا لدرجة خطورة المواد المكونة لأدوية السرطان، فإنها تأتى من الخارج فى صندوق كبير بحجم التليفزيون رغم أن العينة الموجودة فى هذا الصندوق عبارة عن أنبول صغير، ولكن هذا لمحاولة منع الإشعاعات الناتجة عنه.

وبعد عامين من الشكوى الصامتة قرر الصيادلة مؤخرا الامتناع عن تحليل أدوية السرطان حتى توفر لهم وزارة الصحة الاشتراطات الوقائية المطلوبة، لكنهم قوبلوا بالتهديد بالفصل وفسخ عقود العمل لـ7 موظفين بالمعمل، أو النقل إلى فرع الهيئة فى "كفر الجبل"، ومنع المكافآت والحوافز، وتم بالفعل فصل 3 صيادلة من المكلفين كان من المفترض تعيينهم فى هذه الفترة، وتم منع جميع الإجازات.

ورغم هذه المشكلات والخطورة الشديدة التى يتعرض لها العاملون بتحليل هذه الأدوية فلا يتعدى راتب الصيدلى عن 500 جنيه شهريا بالمكافآت والحوافز، وهو ما أكده العاملون بالمعمل، مشيرين إلى أن المسئولين استغلوا هذا وعرضوا صرف مكافآت وبدل مخاطر، ولكن طلبهم قوبل بالرفض لأن العاملين يريدون الحياة ولا يريدون مكافآت مع الموت البطىء.

وعن أهم الاشتراطات الوقائية التى يحتاجها المعمل أكد الصيادلة أنها عبارة عن قفازات من نوع خاص، وأقنعة من نوع خاص أيضا بالإضافة إلى 7 أجهزة يزيد ثمن الواحد منها على مليون جنيه، وجهاز يسمى "فيفتى كابين" هو عبارة عن صندوق يضع فيه الصيدلى يده أثناء تحليل المواد المسرطنة حتى لا تتطاير.

ولكن وزارة الصحة لم توفر من كل هذا سوى قفازات العمليات العادية وأقنعة عادية جدا لا تقى من أى شىء مع وعد جديد بتوفير الأجهزة اللازمة خلال 5 أشهر، دون أى ضمانات لتنفيذ هذه الوعود.

الخطورة الشديدة والتهديد بالإصابة بالمرض القاتل لا تقتصر فقط على الكيميائيين، وإنما أيضا مع عمال النظافة، وهو ما أكده العاملون بالمعمل، لأن مخلفات المواد السرطانية المحللة يتم التخلص منها بطريقة عشوائية جدا، حيث تلقى المخلفات الصلبة فى "جردل" بالمعمل ويحملها الزبالون مثلها مثل أى مخلفات أخرى، أما المخلفات السائلة فتلقى فى "الحوض" وتختلط بالصرف الصحى.

من جانبه أكد د.محمد عبد الجواد، وكيل نقابة الصيادلة إن النقابة خاطبت وزارة الصحة مع بدء شكوى الكيميائيين بمعمل "HBLC" وتم الاتفاق على أن يقدم مساعد وزير الصحة للشئون العلاجية اقتراحات لحل الكارثة التى تتمثل فى إصابة الكيميائيين بالسرطان وغيرها من الأمراض وتحديد أجنده الأمانة اللازمة.

وأضاف عبد الجواد إن وزارة الصحة أصدرت قرارا باستيراد الأجهزة المعملية اللازمة، كما صدر قرار بنقل الكيميائيين من المعمل إلى معمل آخر حتى يتم استيراد الأجهزة، مشيرا إلى أنه اجتمع بعدها مع رئيس هيئة الرقابة على الأدوية، وأكد أنه يتم بحث الاعتمادات اللازمة لشراء الأجهزة مرددا "وفقا لمعلوماتى حتى الآن أنه تم اعتماد الميزانية والمفترض توريد الأجهزة المطلوبة".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة