صدر حديثا عن دار "العين" للنشر، "كتاب الغواية" للكاتب "عزت القمحاوى" وهى مجموعة من الرسائل الإلكترونية كتبها القمحاوى ولم تكن بغرض النشر ولكنها كما يقول: "استنفد فيها هذيان أصابعه، كلما يفتقد ملمس حبيبته" بالإضافة إلى كونها بديلا للتواصل الحميم، وكانت هذه الرسائل محاولة لتدعيم بنيان الحب، إذ اعترفت له بشكل عابر أنها تغوى الكتابة، وكانت فكرة نشر الكتاب هى فكرتها.
الكتاب يقع فى 175 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 31 رسالة تحمل عناوين مختلفة من بينها "طعم التفاحة" التى يبث فيها شوقه إلى حبيبته، ولم يجد غير كتاب "ألبرتو ماجويل" ليسلى به أصابعه التى تحركت فى الهواء بوحشة بحثا عن حبيبته، ويمضى فى رسالته فى الحديث عن "مانجويل"واللهجة التى يتحدث بها عن "بورخيس" الذى كان يستشعر الغيرة من رجل أعمى.
"الزميل ماركيز" كان عنوانا لرسالة من رسائل "القمحاوى" فيقول لحبيبته إنه قرأ كتابا لماركيز مرتين الأول بعنوان"عشت لأروى" من ترجمة "صالح علمانى" والثانى بعنوان "أن تعيش لتحكى" لطلعت شاهين.
ويتفق مع حبيبته فى أن "ماركيز" قد عاش كما فعل "همنجواى تشردا فى باريس ولكنهما كالكثير من الكتاب اعتبرا ما عاشاه سرا شخصيا، فلم يتناول "ماركيز" الفترة الباريسية فى رواياته، فيبدو كماكينة قص أنجزها الله من أجل هذه المهمة فقط، وأن أكثر ما يهمه فى مذكرات "ماركيز" هو معرفة كيف امتطى ظهر النمر الصحفى وكيف ترجل عنه من دون أن يلتهمه، وهو القلق الذى يعيشه القمحاوى كل يوم وهو يكتب الأعمدة و المقالات الصحفية فلا يجد فى ظله فرصة للاستراحة أو هدنة للتأمل.
الرسالة السادسة عشر جاءت بعنوان"القول فى الحب" ويسألها عن سر هذا الشىء الغامض الذى هو "الحب"، فيفكر فى رسالته الحزينة وفى وضعه، فقرأ للمرة العاشرة ما كتبه دون أن يعينه على التحليق مجددا، وهو لا يكف عن الاشتياق إليها حتى فى حضنها، و لم يفهم إلا معها، معنى إشراقة الشيخ محيى الدين بن عربى "كل شوق يسكن باللقاء لا يعول عليه". ويسألها "أتعرفين لماذا أكتب كل هذا لك الآن؟" و يجيب "لأن خصرى اشتاق إلى عناق ساقيك حوله، يصنعان أجمل مزود عرفه تاريخ الولادة المنبوذ" وفى نهاية رسالته يقسم لحبيبته "والله العظيم أنا أستحقك".
القمحاوى تهاوى فى حبه أمام محبوبته فيذكرنا بشعراء الجاهلية فى قصائد غزلهم، فلعب بكلماته يمنة و يسرة كفارس يلوح سيفه فى الهواء، فلا يمطر إلا كلمات، كلمات هى كل ما يجيده القمحاوى ما بين عمله بالصحافة وكتابته للأدب، ففى رسائله تقرأ الحب بطعم الأدب وبلغة الثقافة، حبا يتنقل بين الكتب ويغوص فى أغوار كتابات الآخرين بعقل القمحاوى ورؤيته الخاصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة