سعدت بفوز الرئيس الأمريكى أوباما بجائزة نوبل للسلام لاستحقاقه، ذلك لأنه كما قالت حيثيات اللجنة المنظمة بأنه "منح العالم الأمل فى مستقبل أفضل " وكان رده بتواضع أنا لا استحق الجائزة ولكنى أقبلها على أنها دعوة للعمل، دعوة إلى كل دول العالم كى تقف فى مواجهة التحديات المشتركة للقرن الحادى والعشرين، وأضاف لا يمكن أن نتسامح مع عالم ينتشر فيه السلاح النووى فى العديد من الدول.
والحقيقة أننى أؤيد ما توصلت اليه لجنة نوبل من أنه منذ اختياره رئيسا لأكبر دولة بالعالم كان يعمل على إحلال السلام فى كل بقاع الأرض لتوفير أرض آمنة للجميع. وفى كل اجتماعاته مع رؤساء العالم كان هذا هو أهم مناقشاته معهم، وكان هذا واضحا فى خطابه بالأمم المتحدة وفى قمة الثمانية عن التغييرات المناخية، والتى يجب أن تتضافر معها جهود كل دول العالم من أجل عالم أفضل لكل البشر. وحتى أثناء حملته الانتخابية كان يعطى الأمل فى غد أفضل، هذا الأمل هو الشىء الذى كانت تحتاجه إنسانية معذبة فى زمن ملأه الحزن والخوف وشتى الصراعات التى لا آخر لها.
فى خطابه بجامعة القاهرة قال الرئيس الأمريكى، إن بإمكان الولايات المتحدة القيام بجهود حول العالم لتحويل حوار الأديان إلى خدمات تقدمها الأديان يكون من شأنها بناء الجسور التى تربط بين الشعوب وتؤدى بهم إلى تأدية أعمال تدفع إلى الأمام عجلة التقدم للجهود الإنسانية المشتركة. وأؤيده فيما قال، فالأديان تأتى دستورا إلهيا للبشر للتعايش والتكاتف والتعاضد مع بعضهم بعضا وهذا يتأتى بخدمة الإنسان لأخيه الإنسان.
إن السلام العالمى وعد حق وسوف يتحقق باذن الله سبحانه وتعالى وعلى رؤساء وملوك العالم المضى قدما فى هذه الخطوة التى يجب أن تتم بكل الشجاعة وما زلت أتذكر الرئيس السادات رحمه الله، والذى حصل أيضا على نوبل للسلام وهو يتحدث ويسعى للسلام جاهدا ومن بعده الرئيس مبارك من أجل حياة أفضل للأطفال والأمهات وشعوب المنطقة.
إن العالم يرنو إلى أن يصبح جامعة عالمية تزول فيها كل الحواجز الاقتصادية ويعترف فيها بشراكة رأس المال واليد العاملة فلا غنى لكليهما عن بعضهم بعضا، جامعة يتلاشى فيها نهائياً ضجيج التعصباتِ والمنازعاتِ الدينية، جامعة تَنطفئ فيها إلى الأبد نار البغضاء العرقية، جامعة تَسودها شرعية قانونية دولية واحدة تكون تعبيرا عن الرأى الحصِيفِ الذى يصل إليه بعناية ممثلو تلك الجامعة. جامعة عالمية يتحول فيها التعصب الوطنى، إلى إدراكٍ راسخٍ لمعنَى المواطنة العالمية. وقد حان الوقت الذى سوف يدرك فيه العموم الحاجة المٌلَحة التى تدعو إلى عقدِ اجتماع واسع يشمل البشر جميعا برعاية ملوك ورؤساء العالم، وأن يشتركوا فى مداولاتَهِ، ويدرسوا الوسائل والطرق التى يمكن بها إرساء قواعد السلامِ العظيمِ بين البشر.
وأرى أنه لو تَيَسرت نعمـة السلام هذه للعالـم، لما احتاجت أية حكـومةِ إلى تهيئةِ المهمَات الحربية الجديدة لإخضاع الجنسِ البشرىِ، بل لاحتاجت فقَط إلى قوة عسكرية صغيرة لحفظ أَمن البلاد الداخليةِ. وبهذا يستريح الأهلُون من عباد الله من تحمـل أعباء نفقات الدول الحربية الباهظة وستتوفر الأموال لأعمارها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إن الكثير من الناس لن يقضون أعمارهم النفيسة فى صنع آلات الحرب الجهنمية التى تؤدى إلى الدمار، وتنافى موهبة العالم الإنسانى الكلية، بل سيسعون فى تحصيل ما فيه راحة العالمين وحياتهم لأنهم قد خلقوا ليحملوا حضارة دائمة التقدم، وسيتفرغون لقضايا التعليم للجميع وتقدم المرأة وازالة الهوة بين الفقر المدقع والغنى الفاحش وغيره مما يحتاجه العالم وبهذا سيكونون سبب فلاح البشرية ونجاحها.
إن طريق السلام شاق وصعب ومتعرج ونحن علينا أن نتضرع لله سبحانه وتعالى أن يكلل جهود رؤساء وملوك العالم فى سعيهم الحثيث لإرساء السلام به، فلن تستقيم حياة البشر إلا بنور الاتفاق، فإن فَاز جسم العالمِ المريض بهذا الدواءِ الأعظـمِ لاكتسب بلا ريب الاعتدال الكامل ونال شفاء دائم وسوف يسجل التاريخ عندئذ انبثاقَ الفجر الذى طال ترقبه، فَجر بلوغ الإنسانية نضجَها.
"لسوف تزول النزاعات العديمة الجدوى، وتنقضى هذه الحروب المدمرة، فالسلام العظيم لابد أن يأتى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة