فى أحدث ما كتب عن الحرب فى أفغانستان، كتب جاريث بورتير وهو مؤرخ وكاتب صحفى متخصص فى سياسة الأمن القومى الأمريكى، ومؤلف كتاب "مخاطر الهيمنة: عدم توازن القوة" مقالاً مهماً بعنوان "أشباح فيتنام تحوم فى البيت الأبيض"، يقارن فيه بين حربى فيتنام وأفغانستان، ويستهله بمقارنة ملفتة للانتباه بنقطة التحول التى سجلتها حرب فيتنام منذ أربع وأربعين عاما، وفق قرر الرئيس الأمريكى باراك أوباما ترأس سلسلة من الاجتماعات الحاسمة فى البيت الأبيض، للبت فيما إذا كان يجب على الولايات المتحدة تصعيد حربها على أفغانستان، أم التخطيط لخفض التزاماتها العسكرية فيها.
وتذكر اجتماعات البيت الأبيض بسلسلة المشاورات التى أجراها الرئيس ليندون جونسون وكبار مستشاريه فى يونيو 1965، للنظر فى طلب رئيس الأركان الأمريكى الجنرال ويليام ويستمورلاندالد بإرسال المزيد من القوات إلى فيتنام الجنوبية، والتناقش حول كيفية خفض الالتزامات العسكرية الأمريكية فيها.
فى تلك المناسبة، انتابت الرئيس جونسون ووزير الدفاع روبرت ماكنمارا ومستشار الأمن القومى ماك جورج بندى، شكوك فيما كان من الممكن كسب الحرب حتى لو رفعوا عدد القوات الأمريكية فى فيتنام.
وشأنه شأن أوباما اليوم فيما يخص أفغانستان، طُرح على جونسون اقتراحاً من وكيل وزارة الخارجية جورج بول بالتفاوض للتوصل إلى تسوية كبديل عن تصعيد الحرب فى فيتنام، لكنه قوبل بالرفض من جانب فريق الأمن القومى وماكنمارا.
فما كان من الرئيس جونسون إلا أن قرر بعد مرور عدة أسابيع زيادة عدد القوات فى فيتنام وبلا قيود، نظراً لعدم استعداده لمواجهة اتهامات القادة العسكريين بخسارة الحرب فى هذا البلد الآسيوى.
وفى أواخر سبتمبر الماضى طلب القائد الأعلى فى أفغانستان الجنرال ستانلى ماكريستال، بإرسال أربعين جندياً إضافياً، ما يمثل زيادة بنسبة نحو 60% من عدد القوات الحالية، ويرفعه إلى مائة وثمانين ألف جندى.
ورغم أن أوباما انتابته شكوك فى مدى جدوى الانزلاق إلى مستويات أعمق فى الحرب على أفغانستان، فى وقت يكرر فيه كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية أن السؤال الجوهرى هو ما إذا كانت زيادة القوات ستضمن كسب الحرب. لكن نائب الرئيس جوزيف بادين ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، ووزير الدفاع روبرت جيتس، والمبعوث الخاص لأفغانستان ريتشارد هولبروك كلهم يوافقون على زيادة القوات الأمريكية.
وفى مقارنة إضافية بين حربى فيتنام وأفغانستان يقول بورتير إن أوباما توصل فى النهاية إلى حل وسط مع القادة العسكريين، بالموافقة على إرسال سبعة عشر ألف جندى من أصل ثلاثين ألفاً طالبوا بها، رغم غياب استراتيجية واضحة.
لكن أشباح فيتنام لا يراها فقط بورتير وإنما يبدو أنها أصبحت تلح على معظم الأمريكيين، خاصة فى ضوء الخسائر اليومية المتصاعدة، وتصريحات العسكريين الأمريكيين بأن طالبان زادت قوتها أربعة أضعاف ما كانت عليه منذ بدء خطة أوباما للنصر فى أفغانستان، ويبدو أنه على الأمريكيين إعادة نفس السيناريوهات القديمة وتذوق طعم الهزيمة مرة أخرى.. وفى آسيا أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة