سعيد الشحات

خسارة أفريقيا أهم من خسارة اليونسكو

الخميس، 01 أكتوبر 2009 08:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
روى لى سفير «صديق» أنه وأثناء خدمته فى إحدى الدول الأفريقية، التقى الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء وقتئذ، أثناء جولة أفريقية له، وأطلعه على استحالة حصول مصر على أصوات أفريقيا فى المنافسة مع جنوب أفريقيا على الفوز بتنظيم كأس العالم 2010، وقدم السفير لرئيس الوزراء تقريرا شاملا عن النشاط الحيوى سياسيا واقتصاديا لجنوب أفريقيا فى القارة عموما، والدول المجاورة لها خصوصا، أنه لم يعد لمصر ثقل أفريقى، كما كان فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، وأن جنوب أفريقيا ترث هذا الدور بمعونات تدفعها، وبعثات تعليمية تستقبلها، ومن الطبيعى أن تحصد مقابل ما تفعله.

سمعت هذه الرواية التى كانت بمثابة فضفضة صداقة من السفير، وكانت الفضفضة عقب كارثة صفر المونديال الذى حصلنا عليه، فى مقابل فوز جنوب أفريقيا بتنظيم المونديال.

سمعتها وأتذكرها دائما كلما دخلنا سباقا دوليا انتخابيا يتطلب أصواتا أفريقية مؤيدة، كما حدث منذ أيام فى معركة ترشيح فاروق حسنى وزير الثقافة لمنصب مدير عام اليونسكو، والتى انتهت بخسارته أمام البلغارية «إيرينا يوكوفا»، وضمن ما قيل فى أسباب الخسارة، أننا لم نحصل على كل الأصوات الأفريقية فى الجولة الخامسة الحاسمة، حيث تم اقناع تنزانيا وبنين بتحويل صوتيهما إلى البلغارية بعد أن تم منحهما لحسنى فى الجولات الأربع، وذلك مقابل وعود بمساعدات ومبالغ مالية كبيرة تقدم إلى الدولتين، تعهدت بها دول أوروبية بالإضافة إلى أمريكا.

وفى كل مرة نخسر فيها تصويتا مثل هذا، يتم طرح الأمر على نحو درامى يبدو فيه وكأن هناك خيانة أفريقية لمصر، تصل إلى مرتبة الخيانة الزوجية، فى حين أن كل المقدمات تقود إلى استنتاج طبيعى يقول، إن أفريقيا لم تعد لنا كما كانت لنا فى المرحلة الناصرية، وتفسير وتوضيح أسباب هذا التفريط، يحتاج إلى مجلدات، لكن وزير الخارجية أحمد أبوالغيط لخصه فى بداية عهده الوزارى بالمثل الشعبى: «اطبخى يا جارية.. كلف يا سيد»، وذلك فى إجابة صريحة منه على سؤال: «لماذا تركنا أفريقيا؟».

وإذا كان من الطبيعى القول إن المعادلة الحالية تختلف جذريا عما كان فى المرحلة الناصرية، وإذا كنا لم نعد نمتلك القدرة على تحمل تكاليف ريادة الدور الإقليمى عملا بالمثل الشعبى الذى قاله أبوالغيط، وتركنا إسرائيل تفعل ما تشاء فى ظهرنا الأفريقى، فلا يصح أن نلوم دولا أفريقية على تحولها صوب من يدفع لها، ولا يصح أن نعايرها بما قدمناه فى الماضى «الأفريقى»، الذى ضربناه بمعول الهدم لصالح الارتماء الكامل فى أحضان الشمال الأوروبى، وأصبحت النتيجة أننا لم نعد فى الحاضر أفريقيين، بقدر مصالحنا الضخمة فى القارة السوداء، ومعها فقدنا التباهى والتحدث باسم فضاء جغرافى ضخم ننسى أننا نحتاجه دائما، وندفع ثمن هذا النسيان غاليا كما حدث فى معركة اليونسكو وقبلها صفر المونديال وغيرهما.

الأهم من خسارة اليونسكو أننا نخسر أفريقيا دون أن يهتز رمش للمسئولين.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة