لابد أن نموت.. فالموت هو الحقيقة الوحيدة فى الحياة.. الكثيرون يرحلون دون أن يخلفوا شيئا.. وآخرون يبقون وكأنهم لم يموتوا، لأنهم تركوا وراءهم ينابيع من المعرفة والحكمة، ننهل منها لنواصل الحياة.. أعلم وكلى حزن وأسى، بأن الكلمات فقدت معناها.. فكل من هب ودب ننعاه بأنه كان مبتكرا أو عالما أو عظيما وهو ليس كذلك.. لكن كاتبا فى مستوى وعقل وفكر الأستاذ الراحل محمود عوض، مهما قلنا عنه، لا يضاهى بما قدمه لنا من معرفة كبيرة فى السياسة والاقتصاد والفن والأدب والدراسات فى شتى النواحى.. لم ننصفه فى حياته، فلقد تلقى الطعنات تلو الطعنات، وحورب بشراسة فى عمله، وواصل الكتابة رغم محاولات عديدة لأن ينشغل ويتشاغل بالقضايا وسبل العيش، فلا يكتب ولا يقول الحقائق فى زمن طمست فيه الحقيقة عمدا، ونجح فى عبور أزمات كالجبال الرواسى ،لإيمانه بكل قضية كتب فيها.. كان يكتب بعقلانية العظماء الذين لا ينبهرون بأضواء كاذبة ومناصب زائفة.. فعل كما فعل الراحل جمال حمدان أحب الوحدة فكانت جنته وقبره.. كان قادرا على أن ينجح مع كل ذلك فى كل الأمكنة.. إن تكلم فى السياسة وجدنا أن الأغلب فيما قرأناه كان كذبا وهو الصادق.. إن تحدث فى موضوع اقتصادى معقد، فك أجزاءه ولملمه وكونه من جديد لنفهم، فنتعجب من بساطته، وكم اللصوص الذين ينهشون فى خيرات هذا الوطن.. إن كتب عن الفن والفنانين لا يكتب عن غرف النوم والأجساد البضة، بل كتب عن مآسى وأوجاع ودموع لا نراها وسط الأضواء الكاذبة والضحكات الصارخة، لم ينشغل كالآخرين بالظاهر.. فأحبه فطاحل الغناء والتمثيل لإنسانيته.. عندما علمت بالخبر وبظروف موته وحيدا دون أن يعرف أحد، بكيت صادقا من قلبى.. وكيف لا، وكتبه بجوار سريرى أرتاح فيها وأفكر معه، وأعلم من خلالها ما أجهله.. فأقرأها بنهم مرات ومرات وفى كل مرة أجد معنى وقيمة، أجد فكرا جبارا يغزله لى ببساطة الزاهدين.
محمد فوزى - المنصورة
محمود عوض
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة